لَمْ يَصْدُر النحو العربي عن انفعال عاطفي، بل عن ابتكارٍ علميّ له خصائصُه ومنهجُه الرياضيّ القائمُ على مجموعة مِن القواعد المضبوطة، فتحققَ بذلك عِلما قائما بذاتِه له أُصولُه وقدراتُه الإنجازية، ونظرياتُه المؤسَّسَة على مبادئ المنطق الرياضي، وما يقتضيه من ملاحظة المعطيات والظواهر اللغوية وتحقيقِ التواؤمِ الـمُمْكن بينهُما، ثم الانطلاق من هذه المعطيات لصوغ الفرضيات المستمدة من التفسيرات الـمُتوصَّل إليها، ثم المرور إلى مرحلة اختبار ملاءمة الفرضيات للواقع اللغوي، وذلك بإجراء ملاحظات وتمارين جديدة، فاذا ثبتَ عدم تناقضِها، صِيغَت نظريةً لغوية تُفسِّر قضايا اللغة وآلياتِها.