د.محمود محمد القيسي


سلطان التكنولوجيا العالمية

د. محمود محمد القيسي | Mahmood Mohammed Alqaisi


20/09/2024 القراءات: 208  


كان اختراع الكتابة بحروفها ورموزها وارقامها لتدوين ما تجود به العقول والقلوب من علوم وآداب وفنون ثورة غيرت وجه التاريخ الانساني ولحظة مفصلية كان ما بعدها يختلف عما قبلها ، تنوعت اللغات واختلفت اللهجات واتخذت كل امة لغة خاصة بها وأبجدية تناسبها.
كل خطوة مهدت لما يليها وكل فكرة أومضت كانت مناراً ونوراً، صناعة الورق والاحبار والتلوين وإضافة الرسومات للكتب فالطباعة البدائية فالطابعة اليدوية بنقراتها الصاخبة، كلها أخذت ردحاً من الزمن حتى بدأ كل شيء بالتسارع الرهيب مع ظهور الانترنت والثورة الرقمية ومن ثم تطبيقات الذكاء الاصطناعي .
يختال العراقي بأن إليه يُنسب ذلك الحرف الأول والرُقم التي دونت عليها النظريات العلمية والحسابات الهندسية والفلكية وأنه منذ تلك اللحظة قد أخذ زمام المبادرة وأنه لن يحيد اليوم عن طريق آبائه الأولين من علماء ومجددين، لكنه لبرهة من الزمن توقف وتأخر خطوة، واليوم هو لا يتوانى عن بذل كل ما يستطيع لتعويض ما فاته واللحاق بركب التكنولوجيا .
يدرك القائمون على إدارة الدولة العراقية أن التحول الرقمي هو عملية حيوية تهدف إلى تحديث البنية التحتية الرقمية وتطوير الاقتصاد والمجتمع من خلال اعتماد التكنولوجيا الحديثة، فالتجارة الإلكترونية والتسويق تفتح آفاقاً كبيرة للمستثمرين والتجار وتوسيع حركة الاقتصاد، ورغم التخوف من قبل شريحة عريضة من العراقيين من فكرة التعامل مع البطاقات الائتمانية، إلا أن ذلك بدأ يتراجع وينحاز الكثيرون لسلطان التكنولوجيا العالمية.
تقف في وجه هذا التحول الإلكتروني بعض المعوقات كقلة الكوادر المؤهلة لإدارة الحكومة الالكترونية وضعف البنية التحتية لشبكات الانترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعزوف المستثمرين المحليين والدوليين عن المساهمة في هذا القطاع كونه مجالاً جديداً بالنسبة للعراق، مع ضعف الواقع الامني، بعد تعرض البلد للعديد من الهجمات الالكترونية والاستخدام الخاطئ مما يزيد من الحاجة لتطوير الأمن السيبراني وتعزيز أمن المعلومات وحماية البيانات .
ومن خلال التحركات والفعاليات الأخيرة التي قامت بها العديد من الجهات الحكومية والأهلية وبالتعاون مع المنظمات الدولية بدأ التغلب على هذه المعوقات الواحدة تلو الأخرى ولو بنسق بطئ لكنه على الطريق الصحيح، ووجد المواطن ضالته في تقليص مراحل بعض المعاملات داخل الدوائر الرسمية بدلاً من قضاء اياما او ربما اسابيع في إنجاز معاملته، البطاقة الوطنية الموحدة وجواز السفر الإلكتروني واستخدام البطاقات الائتمانية في البيع والشراء وتحويل الاموال وإضافة (باركود) على الاوراق الرسمية ضماناً لعدم التزوير كل ذلك واكثر سهل الاجراءات واختصر الوقت.
ومن الجوانب المهمة والتي تفتح آفاقاً واسعة لا محدودة أمام الشباب هو استخدام البطاقات الائتمانية لتسهيل العمل والاندماج مع شركات عالمية تقدم فرصة للشباب للعمل من داخل البلد دون الحاجة للسفر وإرسال الأجور عن طريق هذه البطاقات مما سهل عمليات التحويل ومنع التلاعب بالأموال، كذلك التسويق الالكتروني وعرض منتجاتهم على نطاق واسع يصل لجميع انحاء العالم، إضافة إلى التسجيل والانضمام إلى فصول (كورسات) التدريب والتعلم عن بعد والحصول على شهادات موثقة ومعترف بها، كما أن العديد من الجامعات العالمية فتحت المجال للراغبين بالانضمام إلى فصولها الدراسية عن بعد وبمبالغ لا تُقارن مع مصاريف السفر والمعيشة في بلدان هذه الجامعات .
الحاجة للاندماج مع عالم التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد العالمي تزداد يوما بعد يوم ووعي المواطن بأهمية ذلك يُسهل المهمة ويفتح أفقاً ممتداً امام الجميع، العالم لم يعد قرية صغيرة بل بيتاً يتشارك الجميع فيه ويساهم في استقراره ونموه.


تكنلوجيا، التحول الرقمي، العراق، التجارة الإلكترونية، التسويق، الذكاء الاصطناعي،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع