كتاب "كنه المراد في بيان بانت سعاد" ليس للسيوطي
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
29/09/2024 القراءات: 274
-طُبع هذا الكتاب منسوبًا إلى السيوطي بتحقيق مصطفى عليان، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1426-2005).
-اعتمد المحققُ على النسخ الخطية الآتية:
1-نسخة الظاهرية، وتاريخُها سنة (1031)، ولم يُذكر اسم المؤلف، لكن كُتب عليها بخطٍ مغايرٍ لخط الأصل: "للإمام العلامة ابن حجر الهيثمي".
2-نسخة دار الكتب المصرية، وتاريخُها سنة (1071)، جاء في ورقة العنوان: كنه المراد في شرح بانت سعاد للحافظ السيوطي رحمه الله.
3-نسخة برلين، وتاريخُها سنة (1145)، كُتب عليها: هذا كتاب شرح بانت سعاد للإمام العلامة الجلال السيوطي.
4-نسخة الرياض، وتاريخها سنة (1267). كُتب عليها: كنه المراد للحافظ جلال الدين.
5-نسخة أخرى في دار الكتب المصرية، (غير مؤرخة). كُتب عليها: كنه المراد للعلامة السيوطي.
أي أنَّ أقدم نسخة نُسِبتْ إلى السيوطي مؤرخة بـ: (1071).
وقد أطال المحققُ في تقرير كون الكتاب للسيوطي إطالةً لم أجد فيها دليلًا.
وعندي أنَّ هذه النسبةَ مزورةٌ للأدلة الآتية:
1-لم يَذكر السيوطي لنفسه في قوائم مؤلفاته كتابًا (كاملًا) في شرح بانت سعاد، لاسيما الفهرس المعتمد: "فهرست مؤلفاتي".
-نعم كان قد ذَكَرَ لنفسه في كتابه "التحدُّث بنعمة الله" -وهي سيرة كتبَها في الأربعين مِن عمره- (ص: 158): "شرحُ بانت سعاد. ممزوجٌ. كُتِب منه أوراق". ذكره ضمن (القسم السابع) وهو معقودٌ لما شرعَ فيه وفترَ العزم عنه وكتبَ منه القليل.
فهو شرحٌ ممزوجٌ، وغيرُ كامل. ولو أكملَه واعتمدَه لذكرَه في الفهرس المعتمد.
وهذا الشرحُ المطبوع شرحٌ غيرُ ممزوج، وهو شرحٌ كاملٌ.
2-نسبَ المؤلفُ إلى نفسه شعرًا لا يُعرف في شعر السيوطي:
قال (ص: 206):
احرصْ على طردِ الرقيبِ وبُعده ... إنْ تغتنمْ وصل الحبيب تلاعبُه
كم ليلة بات الحبيبُ بجانبي ... لكنني خوفَ الرقيب أجانبُه
وفي (ص: 207):
تقيمُ معاذيرًا وتزعمُ صدقَها ... وتطمعُ آمالي بها فألينُ
وتحلفُ لو تسطيعُ جادتْ بوصلها ... وليس لمخضوبِ البنان يمينُ
وفي (ص: 226):
إذا لم يكن وصلٌ إلى الحب مسعفٌ ... وأمسيتُ تحت الضير والعشق والضنكِ
ولم أستطعْ صبرًا على الذل والهوى ... فالبعز وصلُ الخود أولى من التركِ
ولم أجدْ هذه الأبيات في المكتبة الشاملة أيضًا.
3-نسبَ المؤلِّفُ إلى نفسه "مقدمة" لا تُعرف للسيوطي، جاء في مقدمة الشرح (ص: 99): "وأعريت مقدمتي شرح غريبها وإعرابها... (كذا)".
4-تكرَّر من المؤلف أسلوبٌ لا يُعهدُ من السيوطي:
-جاء (ص: 129): "ولله الشيخ شرف الدين بن الفارض حيث يقول".
-وفي (ص: 170): "وما أحسنَ قوله (أي ابن الفارض) رضي الله عنه في قصيدته الميمية".
-وفي (ص: 346): "وما أحسنَ قول ابن الفارض رحمه الله".
وقد يقولُ كما في (ص: 221): "ولله درُّ عتيق بن محمد"، وفي (ص: 222): "ولله درُّ علي بن ...".
5-ذكر المؤلِّفُ قاضيَ القضاة ناصر الدين بن الميلق ذكرًا يُشيرُ إلى قرب عهده به أقربَ من عهد السيوطي:
جاء (ص: 146): "أخبرني مَنْ أثق به أن الشيخ ناصر الدين بن الميلق رحمه الله قبل أن يلي قاضي القضاة بالديار المصرية كان ساكنًا بمنظرة بغيط السناني بالقرب من بولاق، وكان فيه شجرة من هذا النوع... ثم أخبرني بعضُ أهل بلاد اليمن بالديار المصرية أن هذه الشجرة موجودة عندهم إلى الآن".
وناصر الدين ابن الميلق ولد سنة (731)، وتوفي سنة (797).
6-لم أقفْ على نقولٍ من هذا الكتاب منسوبة إلى السيوطي، وقد قرأتُ "فتح باب الإسعاد في شرح قصيدة بانت سعاد" للعلامة علي القاري المتوفي سنة (1014)، وكان حريصًا على الإفادة من مؤلفات السيوطي، ولم أجد لهذا الشرح ذكرًا فيه.
7-وجودُ اضطرابٍ في تعيين مؤلِّف هذا الكتاب، فقد نَسبَ حاجي خليفة هذا الشرح إلى ابن حجر الهيثمي فقال في "الكشف" (5/ 364) عن بانت سعاد: "شرَحها الشهاب أحمد ابن حجر الهيثمي وسمّاه كنه المراد أوله: الحمد لله الذي جعل قصيدة كعب الخ، مهد في أوله ثلاثة مقاصد".
وهذا الذي جعلَ بعضَ النُّساخ يكتب على نسخة الظاهرية -وهي غفلٌ مِن ذكر مؤلفٍ- أنه لابن حجر. وتابعه آخرون كمؤلف "آراء ابن حجر الهيثمي. مختصر تحفة المنهاج.
ولا تصحُّ هذه النسبة إلى ابن حجر الهيتمي أيضًا، فإنَّ تلميذ ابن حجر السيفي لم يذكره له في كتابه "نفائس الدرر"، وكان خبيرًا بمؤلفاته حريصًا على استكمالها عنده.
ولم يكن لابن حجر نظمٌ كثيرٌ. انظر الكتاب الذكور (ص: 64-65) .
وهناك مَنْ نسب الكتاب إلى ابن حجر العسقلاني!
***
مَنْ مؤلف هذا الكتاب؟
أميلُ إلى أن هذا الكتاب للعلامة الأديب الشاعر أبي العباس أحمد بن علي القلقشندي (ت: ٨٢١)، فقد نَسَبَ إلى نفسه في كتابه "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" كتابًا بهذا العنوان فقال: (ص: 420): «بنو مُزينة - بطن مِن طابخة من العدنانية، وهم بنو عثمان وأوس ابني عمرو بن أد بن طابخة، ... ومُزينة أمهما عُرفوا بها.
قلتُ: ومنهم كعب بن زهير بن أبي سُلمى ناظم القصيدة المعروفة ببانت سعاد.
قلتُ: وقد وضعتُ على هذه القصيدة شرحًا بديعًا سمّيتُهُ: (كنه المراد في شرح بانت سعاد)، فتحَ اللهُ تعالى فيه بمعانٍ لم أقفْ عليها في شرحٍ لها قبل. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه أنيب».
وقال في «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» (6/ 112): "وأمّا كون سيف أمير المؤمنين أعلى مِن حسام أمير المؤمنين- وإنْ كان الحسام متضمّنًا لوصف القطع الذي هو المقصود الأعظم من السيف من حيث إنه مأخوذ من الحسم، وهو القطع- فلأن السيف مأخوذ مِن ساف إذا هلك، كما صرَّح به الشيخُ جمالُ الدين بنُ هشام في شرح قصيدة كعب بن زهير".
وهذا يدلُّ أن القلقشندي كان مطلعًا على شرح ابن هشام هذا. وفي "كنه المراد" إفادةٌ كبيرةٌ منه.
-للقلقشندي عنايةٌ بهذه القصيدة وقد عارضَها أيضًا، فله:
سيفُ العيون على العشاق مسلولُ.
***
وللمقال تتمة ضاقتْ عنها مساحة النشر.
المكتبة الإسلامية. السيوطي. المنحول
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة