تناقضات بين الماضي و الحاضر
د. نضيرة بريوة | Dr. Nadira Brioua
17/08/2023 القراءات: 997
يوم كانت صور الإيجابيات الأكثر انتشارا في مجتمعاتنا العربية المسلمة، و أساسيات الأخلاق والدين والقيم العالية في كل مجالات الحياة المتعامل بها، والمبادىء و الأصالة والعادات الحسنة الطيبة المتعارف عليها في تعاملاتنا على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات تغاضينا عن الأخطاء الصغيرة والعادات الغربية الدخيلة و الانحرافات الملحوظة تماشيا مع ما يعرف بالتعميم الشامل، و تعميم الإيجابيات والتغاضي عن السلبيات ولو كانت ضئيلة هي أكبر معضلة نعيشها في مجتمعاتنا في الماضي و الحاضر.
نعم، مشكلتنا العويصة كعرب هي تعميم الإيجابيات و التغاضي عن السلبيات حتى عمت الأخيرة و نخرت أساس قواعدها فما عادت ثابتة، و كان الأصل أن ننزع الشوكة السامة في وقتها ونداوي لسعة الأفعى في أوانها حتى لا ينتشر السم في الجسد كله فيموت! السكوت على السيئة الصغيرة يجعلها عادية و الإعتيادية على السيئة يساعد في انتشارها وتداولها حتى تصبح عادة، و العادة تغلب العبادة في مجتمعات العادات والأعراف!
و مشكلتنا كعرب هي التناقضات؛ فاليوم إذا تكلمنا عن السلبيات و الانحرافات واللاأخلاقيات المعممة في كل الميادين وقفوا لنا بالمرصاد و قالوا: "أنتم سلبيون متشائمون لا ترون إلا السلبيات"، بل و يذهب بهم الأمر لاستغلال أحاديث النبي البريئة من هذا الزمان دون حكمة و لا بصيرة مقاطعين الناهين عن المنكر قولا: "الخير في أمة محمد إلى يوم الدين". نعم، الخير في أمتنا إلى يوم الدين و ذلك والله لرحمة الله وإلا انقرضت!
لكن، أين نحن من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان؟ »
أم أننا حتى في التعميم نخلق مشكل التناقضات حيث أننا عممنا الخير حين انتشر و تغاضينا عن قليل الشر؛ حتى إذا انتشر الشر عممنا قلة الخير مدعين الإيجابية!
تعلمون لماذا؟ هي والله ليست تفاؤلا ولا إيجابية كما يدعي فقراء الإيمان؛ لكن والله إنها لبراءة من المسؤولية الدينية والأخلاقية والإجتماعية، و وسوسة من الشيطان، و وهمية من أهواء النفس المتبعة اليوم بقلوب عليها أقفالها و أبصار عليها غشاوة و قلة الرجال والحكماء.
قعدنا و الشر قليل فلا نقعد والشر عام وشامل فنمضي هباء منثورا. لا تفكروا في أنفسكم وأنتم إلى زوال الموت لا محال، لكن فكروا في الأجيال القادمة و قد تركنا لهم قاعدة فاسدة و منصة علمانية خالية من الدين والأخلاق، و إن زوال الموت لأهون من زوال الأمم والأخلاق والقيم.
الأمم بشبابها و أطفالها وأجيالها المتوالية فإن فسدت الأجيال فسدت الأمة.
أما ونحن ندعي المثالية والإيجابية والتفاؤل بالاشيء، و نأتي السيئة و نذمها قولا دون تغييرها بالحسنة فعلا، و نبتعد عن الدين و نبكي اللادين، ونتمنى الخير و نسكت عن الشر؛ فالقادم أسوأ و الشمعة لا يضيئها الظلام بل الأيادي النيرة لتخرجنا من الظلام إلى النور.
و حاضرنا قائم برحمة ربنا و كذلك القادم لا محال؛ لكن حالنا من أسوأ لأسوأ لأنه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
و ركزوا على كلمة "ما" علكم تغيرون 'ما' يحيطنا!
اللهم رحمتك و سدادك و رشادك 🤲
نضيرة رابح💟
الخير الشر، الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الإصلاح
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع