مدونة الأستاذة الدكتورة / إيمان الجمل


من وصف غرناطة جانب من كتابي فصول في النقد التطبيقي

إيمان السيد أحمد الجمل | eman elsayd ahmad el gamal


12/03/2022 القراءات: 2537  



مدينة غرناطة ذكرها وذكر وديانها وأنهارها وجبالها ومتنزهاتها جملة من أصحاب المعاجم والمؤرخين والجغرافيين والأدباء، ومنهم صاحب معجم البلدان، حيث يقول عنها: «غَرْنَاطَة: بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم نون، وبعد الألف طاء مهملة؛ قال أبو بكر بن طرخان بن يحكم: قال لي أبو محمد عَفّان الصحيح أغرناطة بالألف في أوله أسقطها العامة كما أسقطوها من البيرة فقالوا لبيرة، قال ابن يحكم: وقال لي الشيخان أبو الحجاج يوسف بن علي القُضاعي وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد البُردي الحيّاني: غرناطة بغير ألف، قال: ومعنى غرناطة رُمّانة بلسان عجم الأندلس سمّي البلد لحسنه بذلك، قال الأنصاري: وهي أقدَمُ مُدُن كورة البيرة من أعمال الأندلس وأعظمها وأحسنها وأحصنها يشقّها النهر المعروف بنهر قلزم في القديم ويعرف الآن بنهر حدارُّه، يُلْقط منه سُحالة الذهب الخالص وعليه أرحاء كثيرة داخل المدينة وقد اقتطع منه ساقية كبيرة تخترق نصف المدينة فتعمّ حمّاماتها وسقاياتها وكثيرًا من دور الكبراء، وله نهر آخر يقال له سَنْجَل واقتطع لها منه ساقية أخرى تخترق النصف الآخر فتعمه مع كثير من الأرباض، وبينها وبين البيرة أربعة فراسخ، وبينها وبين قرطبة ثلاثة وثلاثون فرسخًا»( ).
ويذكرها الجغرافي الإدريسي في قوله: «ومدينة أغرناطة محدثة من أيام الثوار بالأندلس وإنما كانت المدينة المقصودة البيرة فخلت وانتقل أهلها منها إلى أغرناطة ومدنها وحصن أسوارها وبنى قصبتها حبوس الصنهاجي ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس فكملت في أيامه وعمرت إلى الآن وهي مدينة يشقها نهر يسمى حدروا وعلى جنوبها نهر الثلج المسمى شنيل ومبدؤه من جبل شلير وهو جبل الثلج وذلك أن هذا الجبل طوله يومان وعلوه في غاية الارتفاع والثلج به دائمًا في الشتاء والصيف ووادي آش واغرناطة في شمال الجبل ووجه الجبل الجنوبي مطل على البحر يرى من البحر على مجرى ونحوه وفي أسفله من ناحية البحر برجة»( ).
كما يذكر الشقندي في قوله: «غرناطة دمشق بلاد الأندلس، ومَسْرَح الأبصار، ومطمح الأنفس، ولم تخلُ من أشراف أماثل وعلماء أكابر، وشعراء أفاضل»( ).
ولا يهملها ابن بطوطة حيث يقول: «قاعدة بلاد الأندلس، وعروس مدنها، وخارجها لا نظير له في الدنيا، وهو مسيرة اربعين ميلاً، يخترقه نهر شنيل المشهور، وسواه من الأنهار الكثيرة، والبساتين والجنَّات والرياضات والقصور، والكروم مُحدِقة بها من كل جهة، ومن عجيب مواضعها عين الدمع، وهو جبل فيه الرياضات والبساتين، لا مثل له بسواها، انتهى»( ).
وقد اهتم بها لسان الدين في إحاطته فيصفها بأنها: «دار مَنَعة، وكرسي مُلك، ومقام حصانه. وكان ابن غانية يقول للمرابطين في مرض موته، وقد عوَّل عليها للامتساك بدعوتهم: الأندلس دَرَقَةٌ، وغَرْناطة، قَبْضها؛ فإذا جشَّمتم يا معشر المرابطين القَبْضة، لم تخرج الدَّرقة من أيديكم. ومن أبدع ما قيل في الاعتذار عن شدَّة بَرْدها؛ ما هو غريب معناه؛ قول شيخنا القاضي أبي بكر بن شبرين رحمه الله:
رعى الله من غَرْناطة مُتَبَوّأً
تَبرَّم منها صاحبي عندما رأى
هي الثَّغْرُ صان الله من أهَلتْ به
يَسُرُّ كئيبًا أو يُحيرُ طريدا
مسارحها بالبَرْد عُدْنَ جَليدا
وما خيرُ ثغْرٍ لا يكون بُرُودا( )

وقد أولع ابن الخطيب بوصفها خاصة، واديها المسمى شِنّيل، حيث يقول: «وما يتصل بها بوادي سَنْجيل ما يقيد الطِّرْف، ويُعجز الوصف، قد قبلت منها على الأنهار المتدافعة العُباب، المنارة والقِباب، واختصَّت من أشجار العاريات ذات العصير الثاني بهذا الصُّقْع، ما قَصَرت عنه الأقطار. وهذا الوادي من محاسن هذه الحَضْرة؛ ماؤه رقراق ذَوْب الثَّلج، ومُجاجَة الجليد، وممرُّه على حصى جوهرية؛ بالنبات والظلال محفوفة، يأتي من قِبلة علام البلد إلى غَرْبه، فيمرُّ بين القصور النجديّة؛ ذوات المناصب الرَّفيعة، والأعلام الماثلة. ولأهل الحَضْرة بهذه الجنَّات كَلَفٌ، ولذوِي البطالة فوق نهره أريك من دَمَث الرّمل، وحجال ملتف الدَّوح، وكان بها سطرٌ من شجر الحور؛ ينسب إلى مامل»( ).
ويقول كذلك: «ولقد وَلِعَتْ الشعراء بوصف هذا الوادي، وتغالت الغالات فيه؛ في تفضيله على النيل، بزيادة الشِّين؛ وهو ألفٌ من العدد؛ فكأنه نيلٌ بألف ضِعْفٍ؛ على عادة متناهي الخيال الشعري. في مثل ذلك، ولقد ألغَزْتُ فيه لشيخنا أبي الحسن بن الجيَّاب رحمه الله؛ وقد نظم في المعنى المذكور ما عَظُم له استِطْرابُه، وهو:
ما اسمٌ إذا زدته ألفًا

من العَدَدَ أفاد معناه لم يَنْقُص ولم يَزدِ

وإنّما ائتلفا من بعد ما اخْتَلَفا

مَعْنى بشينٍ ومن نَزْرٍ ومن بَلَدِ»( )

ومن موشحة لابن زمرك يذكر معاهد غرناطة:
«نسيم غرناطة عليل
وروضها زهرُه بليل
سقى بنجدٍ رُبى المصلّى
لكنه يبرئ العليلْ
ورشفه يَنْقعُ الغليلْ
مباكرًا روضَهُ الغمامْ

ومنها:
عقيلةٌ تاجُها السّبيكهْ
كأنها فوقَه مليكهْ
تطبعُ من عسجدٍ سبيكهْ
تطلُّ بالمرقب المنيفْ
كرسيُّها جَنَّةُ العريفْ
شموسُها كلّما تطيفْ»( )

وجاء عنها في النفح:
لاسيما غرناطة الـ
وهي التي دُعيت دمشـ
لنزول أهليها بها
غراء رائقة الوسامة
ق وحسبها هذا فخامة
إذ أظهر الكفر انهزامه( )

ومما جاء عنها في النفح: «إن غرناطة نزل بها أهل الشام، وسمّوها باسمها لشبهها بها في القصر والنهر، والدَّوْح والزَّهْر، والغُوطة الفيحاء، وهذه مناسبة قوية العُرى شديدة»( ).
ومن أشهر بلاد الأندلس غَرْناطة، وقيل: إن الصواب أغرناطة – بالهمزة- ومعناه بلغتهم الرُّمَّانة، وقال الشقندي:
غرناطة ما لها نظير
ما هي إلا العروس تجلى
ما مصر ما الشام ما العراق
وتلك من جملة الصَّداق( )

وفي بعض كلام لسان الدين ما صورته: «وما لمصر تفخر بنيلها والف منه في شِنيلها؟ يعني أن الشين عند أهل المغرب عددها ألف، فقولنا شنيل إذا اعتبرنا عدد شينه كألف نيل»( ).
في وصف الطِّلّسْم المعروف بفروج الرواح من العلية بالقصبة القديمة من غَرناطة بسبب البناء والإصلاح، وأنه عاينه من سبعة معادن مكتوبًا فيه:
إيوانُ غرناطَةَ الغَرّاء معتبرٌ
وفارسٌ رُوحُهُ ريحٌ تدبّرُهُ


وصف - غرناطة - معاجم - شعر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع