امكانية استحداث صندوق ثروة سيادي في العراق
أ.د. نغم حسين نعمة | nagham Hussein alnama
10/12/2021 القراءات: 4003
يرى الكثير من الخبراء الاقتصادين, ان امام العراق فرص كثيرة تمولها ايرادات الثروة النفطية في العراق اذا ما تم تحقيق الاستخدام الامثل والكفوء للموارد الطبيعية المتاحة والتي لها ميزة نسبية في السوق العالمية (حالة النفط في العراق), من خلال توظيف الفوائض التي تدرها الصادرات النفطية من اجل تنمية وتطوير النشاطات الانتاجية غير النفطية وضمان مستقبل الاجيال القادمة. لان صناعة استخراج النفط ناضبة, ان وضع العراق اليوم يتمثل بأسوء مظاهر الدولة الريعية, فالاعتماد على ايرادات النفط يكاد يكون مطلقا وهي ايرادات غير مستقرة, لذا لابد من توجيه الاهتمام الى الايرادات الاخرى المستقرة والمستمرة في تمويل الانفاق العام على المديين المتوسط والطويل. لذلك من الضروري ان يقوم العراق بأستحداث صندوق ثروة سيادي في العراق وذلك للمساعدة في تجنب الازمات المالية والاقتصادية التي قد تنشأ عن عوامل داخلية وخارجية, ومن ثم المساعدة في حماية اقتصاد الدولة اثناء اوقات الركود المماثلة للوضع الحالي في العراق. والمساعدة في اعادة بناء البنية التحتية المتضررة او تعزيز التنمية المستدامة من خلال استثمارات واسعة النطاق, وهو ما كان يصعب تمويله لولا وجود صندوق الثروة فضلا عن الادخار من اجل الاجيال القادمة.
نظرا للاوقات المريرة والصعبة التي مر بها العراق, بات من الضروري توليد ايرادات لتمويل جهود الاعمال. فضلا عن امكانية تنويع اقتصاده التي يعتمد على النفط بشكل كامل, لذلك ان عملية تحليل واقع السياسة المالية والاقتصادية في العراق, يثبت وبشكل قاطع ان مسار هذه السياسة واستقرار معدلات الدين العام الداخلي والخارجي وعجز الموازنة, مرهون بالايرادات النفطية. وبالتالي ان تقلبات اسعار النفط العالمية يؤدي الى انهيار الاقتصاد العراقي, لذلك سنبين المبررات الداخلية والخارجية لأنشاء صندوق الثروة السيادية العراقي ليتجنب حدوث مثل هذه الازمات .
ان البحث في المبررات الداخلية يتطلب استعراض اهم المؤشرات التي تعكس واقع حال الاقتصاد العراقي وعلى النحو التالي :
أ-سيطرة القطاع النفطي على بقية القطاعات الاقتصادية, اذ يؤدي القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد العراقي, وان ارتفاع مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي مقابل تراجع نسبة مساهمة القطاعات الاخرى, بسبب توقف العديد من المشاريع الاقتصادية, سواء كانت في القطاع العام او الخاص. وهذا يعني بقاء الاقتصاد العراقي عرضة للصدمات الخارجية الناجمة عن تقلبات الطلب العالمي على النفط.
ب-نسبة مساهمة الايرادات النفطية في الموازنة العامة, تعد الايرادات النفطية المورد الرئيسي لايرادات الموازنة العامة, مما يدل على ان الموازنة العامة تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات التي تسجلها اسعار النفط على المستوى العالمي, وبأعتبار ان تمويل السياسات المالية والاقتصادية العامة للدولة يتم بواسطة الموازنة العامة, فأن اداء القطاع النفطي يعد المحدد الرئيسي لاستقرار واستمرار تنفيذ السياسات المالية والاقتصادية في العراق.
ج-تشكل صادرات القطاع النفطي المورد الرئيسي للعملات الاجنبية في العراق, وبما ان الميزان التجاري يشكل احد المكونات الرئيسية لميزان المدفوعات فانه يمكن القول ان اداء القطاع النفطي يؤثر بشكل مباشر على توازن ميزان المدفوعات.
وتتميز اسعار النفط بعدم استقرارها وتعرض السوق النفطية لصدمات موجبة اي ارتفاع في اسعار النفط, او سالبة اي انخفاض في اسعار النفط بين الحين والاخر, نظرا لتأثرها بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسات والطبيعية, وتنعكس تلك الصدمات على اقتصادات الدول المصدرة للنفط بما فيها العراق ويجب التغيير في مستويات الاسعار .
وتأسيسا على ما تقدم فان الاقتصاد العراقي يتأثر بشكل حاد ومباشر بأداء القطاع النفطي مما يعني ان هبوط حاد في اسعار النفط على المستوى العالمي, مثل ما حدث في عام 2020 بسبب جائحة كورونا. واذا ما استمرت مدة الانخفاض في الاسعار فان البلد سيدخل ازمة مالية خانقة, ومن هذا المنطلق فان المبررات الداخلية لانشاء صندوق ثروة سيادي للعراق متوفرة فضلا عن حاجة الحكومة الى اعادة هيكلة الانفاق العام وضبط الايرادات. وبالتالي للحفاظ على استقرار الموازنة العامة لان الصندوق السيادي سيعمل على امتصاص الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العراقي, جراء تقلبات اسعار النفط في الاسواق العالمية ويمكن الحكومة من تنفيذ سياساتها الاقتصادية والمالية.
صناديق الثروة السيادية ، الازمات المالية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع