عنوان المقالة:(خيرية الإنسان وشره في ميزان القرآن) فلسفة الخير والشر: هل البشر شر؟
امصنصف كريم بن محمد | Msansaf Karim ben mohammed | 18363
نوع النشر
مجلة علمية
المؤلفون بالعربي
كريم امصنصف
الملخص العربي
(خيرية الإنسان وشره في ميزان القرآن) فلسفة الخير والشر: هل البشر شر؟ جمعت بنات أفكاري وقلت لهن املين علي خواطركن لأخطها بيميني فتلاعبن أمامي كعادتهن بالكلمات حتى بدأت تتشكل المعاني وقلن لي سبق وتكلمن عن الحياة والممات وهما مترادفان فلنتحدث عن الخير والشر فهما متلازمان للإنسان في الحياة. لطالما وصف الإنسان عند اليونان بأنه حيوان ناطق، فهل ذلك يعزى إلى كونه ينزع إلى التخلص من مسؤولياته كإنسان والتحول إلى ذئب لأخيه الإنسان، فيصير ”الجحيم هو الآخر“ كما قال الفيلسوف جون بول سارتر؟ إن الإنسان خلق في منتصف الصراط لا هو في أعلى الدرجات مع الملائكة، ولا هو في أدنى الدركات مع الجن، ولا يستطيع البقاء حيث هو وإلا اجتالته الشياطين (عن دينه)، فوجب أن يرتقي إلى أعلى الدرج ليفر منها، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [من الآية 35، سورة الأنبياء]. وإن كان في الشياطين مثقال ياء خير فإن البشر فيهم كل حروف الشر لذلك هم مولعون بالحروب والشر فهل البشر شر لا ينتهي إلا وهو في شبر قبر؟ لطالما تأثرت بنبل بعض المواقف الإنسانية وفي المقابل لطالما صدمت ببشاعة بعضها الأخر، حيث تظهر الوحوش أكثر إنسانية ممن انسلخ عن انسانيته وتحول إلى مسخ متوحش، فأدى بي هول الموقف إلى التساؤل عن أصل الكون هل هو الخير أم الشر أو هما معا بالتوازي؟ وكما هو السؤال الذي بدى جوابه محال من الأسبق في الوجود البيضة أم الدجاجة؟ وقد أجاب عنه الإسلام في القرآن في قوله تعالى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)[من الآية 48، سورة الذاريات]، فكذلك جواب أصل الكون جاء في القرآن على لسان الملائكة: ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) [من الآية 30، سورة البقرة]. فدل ذلك على أن الخير أصل الكون والوجود، وأن الشر حادث بعده وسيبقى موجود في صراع أبدي بين مد وجزر حتى ينتهي كل البشر في شبر قبر ثم عندها يذبح الشر. وهل في الشر من خير؟ وهل في الخير من شر؟ يجيب عليها الإسلام أيضا في حديث خير الأنام قال ﷺ: «إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى [1]». فالفلاسفة يقسمون الشر إلى أنواع منها: الشر الأخلاقي ويطلق على الأفعال المذمومة من الرذائل، والشر الفلسفي وهو نقصان كل شيء عن كماله، والشر المعرفي وهو الجهل، وغيرها إلخ ... فنجد أن أفلاطون يرى أن الخير هو القيمة العليا التي تعود إليها كل القيم الفاضلة، فهو يعتقد ”أن الخير طبع لمن اعتاده، والشر مباح لمن أراده“. بينما تلميذه أرسطو خالفه فهو يرى أن الخير إلهي والشر شيطاني من حيث المصدر. وعلى عكس سقراط، الذي كان يرى أن الإنسان يرتكب الشَّر بسبب الجهل، فإن أرسطو يعتقد أن الإنسان قد يرتكب الشر عامدًا. لأن طريق الشر سهل كالهدم مع أنه مظلم، وطريق الخير صعب كالبناء وإن كان مضيء. ورغم أن الشر تجسيد لظلام النفس فلولا الظلام لما رأينا النور، إذ يقول الفيلسوف الفرنسي لاﭭيل: ”وجود الشر ضروري … فلا يمكن قيام حياة روحية دون التصادم معه“. نعم إن التصادم بين شخصين إن كان سلسا ولد الحب والخير وإن كان عنيفا ولد البغض والشر بين البشر، وعلى العكس من هذا تضمنت نظريات بعض القدماء إنكاراً لإيجابية مفهوم الشر، بإرجاعه إلى الجهل، كما هو الحال عند سقراط الذي ربط في تصوره للشر بينه وبين الجهل، بقوله: ”إن الفضيلة علم والرذيلة جهل“. وقد نجد في القرآن ما يؤيد ذلك قال تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [ سورة البقرة، الآية 269]. وقد أكد الوجوديون، خاصة كيركغارد، الوجود الإيجابي للشر الذي ينبغي على الإنسان مصارعته دوماً. فالنفس أثناء صراعها الداخلي بين الجانب الشرير والجانب الخير في شخصية الإنسان مصداقا لقوله تعالى: (ونفس وما سواها، ألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دسها)[سورة الشمس، الآيات 7-10]، يمكن أن نتصورها على أنها حالات تتصف بها شخصية الإنسان في مستويات مختلفة من الكمال الإنساني التي تمر بها أثناء صراعها الداخلي، بين الجانبين المادي والروحي من طبيعة تكوينها لقوله تعالى: (فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى)[سورة النازعات، الآيات 37-40]. فالإنسان يولد صفحة بيضاء على الفطرة فالطفل الصغير تجده بريئا لا يعرف الخير من الشر فيتعلم ذلك وهو يكبر تدريجيا. قال رسول الله ﷺ: «كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه[2]». [1]حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه من رواية عمر بن الخطاب. [2] حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه من رواية أبي هريرة.
تاريخ النشر
23/11/2017
الناشر
ملتقى أهل التفسير
رقم المجلد
1
رقم العدد
1
الصفحات
1
رابط خارجي
https://vb.tafsir.net/tafsir54862/
الكلمات المفتاحية
تفسير علمي,عقيدة,خواطر
رجوع