تشكل أراضي الجماعات السلالية نظاماً عقارياً أصيلاً يرجع إلى ما فترة قبل الفتح الإسلامي، حيث كانت تتمتع الأسرة "الأصلية" بحق الملكية والتصرف بهذه الأراضي، ثم انتقل هذا الحق إلى القبيلة التي ينتمي إليها الفرد . وعموما، فقد عرف المشرع المغربي الأراضي الجماعية بمقتضى ديباجة ظهير 27 أبريل 1919، بأنها: "تلك الأراضي التي تتصرف فيها الجماعة وسلالتها تصرف المالك في ملكه بدون خراج أو ضريبة" .
ولا يخفى الدور المحوري الكبير الذي تضطلع به أراضي الجموع في التنمية المستدامة بالمغرب، حيث إنها غالبا ما تكون في صلب اهتمامات أرباب الاستغلال الفلاحي والغابوي، علاوة على كونها دعامة رئيسية لأي نشاط تجاري أو صناعي أو سياحي. غير أن المسار التنموي لهذه الأراضي يصطدم ببعض الإكراهات والإشكالات التي تعوق التدبير الأمثل لأراضي الجموع، وتحول دون تثمينها والمحافظة عليها. كما تبرز أهمية هذا الموضوع، في كونه يشكل محلا لمشكل متعدد الأبعاد، بحيث أنه استأثر باهتمام حقوقي وسياسي وقانوني واقتصادي واجتماعي، مما ينم عن كونه مشكل يخفي وراءه مشاكل مركبة ومستعصية.
وانطلاقا مما سبق، فإننا نحاول دراسة هذا الموضوع من خلال جدلية تدور بين مطلب الحماية ورهان التنمية، مما يشرع لنا أن نتساءل، إلى أي حد استطاع المشرع المغربي وضع آليات قانونية كفيلة بحماية الأراضي الجماعية، وجديرة بجعل هذه الأراضي في صلب التنمية المستدامة ورافعة لها؟
ولمحاولة الإجابة عن هذا السؤال، في سبيل تقديم مقترب جواب عن الإشكال المركزي، فإنه اخترنا اعتماد تصميم للموضوع يكون على الشكل الآتي:
المطلب الأول: السياق التاريخي والتنموي لأملاك الجماعات السلالية
المطلب الثاني: بعض الإشكالات القانونية التي تعترض نظام الأراضي الجماعية
المطلب الثالث: التحديد الإداري كآلية لحماية الأراضي الجماعية وإشكالاته العملية
ذ/د.كمال بلحركة | KAMAL BELHERKATE | 22907