تُمثِّل كتبُ شروح السنة مَيدانًا خِصْبًا فَسيحًا لتطبيق القواعد الأصولية، وربطها بالنص النبوي الشريف؛ ومن أمهات كتب أحاديث كتاب: «عُمدة الأحكام» للإمام عبدالغني المقدسي 600هـ، وقد نال شرفَ التعليق على هذا الكتاب الإمامُ تاج الدين، أبو حفصٍ، عُمَرُ بنِ سالمٍ، الفاكهاني 731هـ في كتابه: «رياضِ الأفهام شرح عمدة الأحكام»؛ حيث جمع فيه خلاصة ما وصل إليه من المباحث المحقَّقة، والفوائدِ المنقَّحَة، والتوضيح لمشكلاته، وقد جاء الكتاب زاخرًا بالمناقشات الأصولية، التي تربط الفقه بأصوله، وتبين مأخذ الحكم الشرعي من دليله، وقلَّما يخلو شرحه للحديث من ربط الأحكام الفقهية بقواعدها الأصولية؛ فصار الكتاب بذلك حافلًا بزمرة كبيرة من التطبيقات الأصولية المنثورة في ثناياه؛ فأحببت أن أجمع شتات هذه التطبيقات مع قواعدها الأصولية المبثوثة في ثنايا الكتاب، وأعرضها مرتبة ترتيبًا موضوعيا، حسب أبواب أصول الفقه، مع شرح تلك القواعد شرحًا إجماليًا.
وسميته «كشف اللثام عن القواعد الأصولية وتطبيقاتها في كتاب رياض الأفهام شرح عمدة الأحكام» إسهامًا في تفعيل علم أصول الفقه، والخروجِ به من الدائرة النظرية إلى المجال العملي، وإظهار مأخذ الحكم الشرعي من النص النبوي، وربط الفقه بأصوله؛ مما يجعل تناول علم أصول الفقه في قاعة الدرس مرتبطًا بفقه الكتاب والسنة.