الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه؛ وبعد:
فإن للإفتاء الجماعي في زماننا أهمية كبيرة؛ إذ هو السبيل للفتاوى المنضبطة التي يترتب عليها صلاح البلاد والعباد، فبه يتحقق مبدأ الشوري الذي أمر الله تعالى به، وهو أيضًا سنة نبوية شريفة كفيلة بالوصول إلى حلول شرعية لكل المستجدات، وبه تتحقق وحدة الأمَّة.
من أجل ذلك كله جاء هذا البحث لُيسلِّط الضوء على مفهوم الإفتاء الجماعي، ومشروعيته، وأهميته وأشكاله المعاصِرة، والصعوبات التي تواجه تحقيقه، وتقديم مقترحات تُسهِم في تطويره؛ كوضع آلية داخل المؤسسات الإفتائية لتوسيع قاعدة الاستشارات في النازلة المبحوثة، واهتمام القائمين على التعليم الشرعي بتدريس الاجتهاد الجماعي وطرقه وآلياته، وتقديم الآراء الجماعية على الآراء الفردية في البحوث العلمية، إلى غير ذلك من المقترحات التي تُمَكِّن الفقهَ الإسلاميَّ من الوقوف بآرائه -المجمَّعة من صفوة علماء الأمة- أمام الأسئلة الحائرة التي تتولد كل يوم من جرَّاء المخترعات الحديثة والتطور الشامل في جميع مجالات الحياة؛ اقتصادية، وطبية، وسياسية، واجتماعية وغيرها.