تاريخ الانتخابات الرئاسية في الجزائر
عبد المجيد رمضان | Abdelmadjid RAMDANE
10/10/2024 القراءات: 173
قصد فهم التحولات السياسية التي تؤثر على مسار الانتخابات الرئاسية في الجزائر، يتعين التعرف على ظروف ومجريات انتخاب الرؤساء الثمانية الذين حكموا الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا، بداية من أحمد بن بلة، ثم هواري بومدين، فالشاذلي بن جيد، محمد بوضياف، علي كافي، ليامين زروال، عبد العزيز بوتفليقة، وعبد المجيد تبون، من خلال انتخابات شهدت مرحلتين متباينتين، الأولى في عهد الحزب الواحد والثانية في عهد التعددية السياسية.
وقد كانت الجزائر في عهد الأحادية الحزبية في الفترة من 1962 إلى 1989 مسرحا لخمسة مواعيد للانتخابات الرئاسية، تتعلق بانتخاب أحمد بن بلة كأول رئيس للجمهورية في 15 سبتمبر 1963 كمرشح وحيد من قبل حزب جبهة التحرير الوطني.
وانتخب هواري بومدين رئيسا للجمهورية يوم 10 ديسمبر 1976، في ثاني انتخابات رئاسية في مرحلة الأحادية الحزبية، بعد أن اجتازت الجزائر مرحلة انتقالية دامت منذ إسقاط حكم بن بلة سنة 1965 إلى غاية نوفمبر 1976 تاريخ تبني ثاني دستور للجزائر.
وبعد وفاة الرئيس بومدين في 27 ديسمبر 1978، انتخب الشاذلي بن جديد ثلاث مرات رئيسا للجمهورية مرشحا وحيدا للحزب الحاكم في انتخابات 07 فيفري 1979، و12 جوان 1984، و22 ديسمبر 1988. ودام حكمه إلى غاية استقالته بتاريخ 11 جانفي 1992، نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية التي سادت البلاد في تلك الفترة التي تميزت بتعيين ثلاثة رؤساء دولة دون انتخابات وهم تواليا محمد بوضياف، وعلي كافي، واليمين زروال.
انتخابات عهد التعددية السياسية
لقد أدت الأزمة الداخلية المتعددة الأبعاد من جهة والتحولات الدولية في أواخر الثمانينات من جهة أخرى، إلى تخلي النظام السياسي الجزائري عن الطابع الأحادي والاشتراكي، حيث تم الاعتماد في دستور 1989 وقانوني الأحزاب السياسية والانتخابات، على حزمة من الإصلاحات السياسية ذات الطابع الديمقراطي الليبرالي، ما نتج عنه تبني التعددية الحزبية والانتخابات التنافسية لأول مرة في الجزائر منذ الاستقلال.
وشهدت الجزائر إثرها تنظيم أول انتخابات رئاسية تعددية في 16 نوفمبر1995 أفضت إلى انتخاب اليمين زروال بصفته مترشحا حرا بحصوله على نسبة 61 بالمائة من الأصوات، أمام كل من محفوظ نحناح عن حركة مجتمع السلم، وسعيد سعدي عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ونور الدين بوكروح عن حزب التجديد الجزائري. وشهدت فترة حكم اليمين زروال صدور دستور جديد وإجراء الانتخابات التشريعية والمحلية سنة 1997.
وقد بلغت الأزمة السياسية الداخلية حينها مستويات مقلقة، انتهت باستقالة الرئيس اليمين زروال الذي كان قد قدم تاريخ الانتخابات الرئاسية إلى 15 أفريل 1999، وأسفرت عن اعتلاء عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم بعد انسحاب باقي المترشحين عشية يوم الاقتراع بدعوى التزوير، ويتعلق الأمر بكل من حسين آيت أحمد، أحمد طالب الإبراهيمي، يوسف الخطيب، مولود حمروش، مقداد سيفي، وعبد الله جاب الله.
أعيد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة ثانية رئيسا للجمهورية في انتخابات 08 أفريل 2004 بنسبة تزيد عن 84 بالمائة متقدما على منافسيه وهم بالترتيب علي بن فليس، عبد الله جاب الله، سعيد سعدي، لويزة حنون، وعلي فوزي رباعين.
وشهدت الجزائر، في النصف الثاني من سنة 2008 السنة الأخيرة في العهدة الرئاسية الثانية للرئيس بوتفليقة، سجالا سياسيا كبيرا، تعلق أساسا بالانتخابات الرئاسية الموالية. وكان الموضوع الأساس هو مسألة ترشح بوتفليقة لعهدة ثالثة من عدمه، بحكم اعتراض الدستور لترشح ثالث لرئيس الجمهورية. ما جعل الرئيس بوتفليقة وجزء من الطبقة السياسية، يقرون بإجراء تعديلات دستورية في 15 نوفمبر 2008، مكنته من الترشح لعهدة رئاسية ثالثة، عارضتها العديد من الأوساط السياسية والإعلامية التي اعتبرت أن ذلك يمثل دليلا قاطعا على عدم نزاهة الانتخابات، ما جعل العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية العامة تقاطع الانتخابات الرئاسية التي جرت رغم ذلك في 10 أفريل 2009. وفي نفس السياق، فاز عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رابعة في انتخابات 17 أفريل 2014 رغم تدهور حالته الصحية وعلى ضوء حملة انتخابية متوترة خصوصا مع منافسه المباشر علي بن فليس الذي حل ثانيا كمترشح حر، قبل عبد العزيز بلعيد عن جبهة المستقبل، وموسى تواتي عن الجبهة الوطنية الجزائرية، ولويزة حنون عن حزب العمال، وعلي فوزي رباعين عن عهد 54.
وأمام رفض شريحة واسعة من الشعب الجزائري ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة في ظل التدهور الشديد لحالته الصحية وابتعاده عن المشهد السياسي، فرض الحراك الشعبي عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، ثم قدم الرئيس بوتفليقة مطلع شهر أفريل 2019 استقالته تحت ضغط الشارع الجزائري والقوى الفاعلة في البلد، وتولى عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة قيادة الدولة بصفة مؤقتة وفق الدستور.
وبعد استحالة إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الرابع جويلية بقرار من المجلس الدستوري لعدم استيفاء الشروط، أجريت الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019، وانتخب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية لولاية رئاسية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة بحسب نص الدستور، بعد فوزه في الانتخابات بحصوله على 58 بالمائة من الأصوات، متقدما تواليا عن عبد القادر بن قرينة، وعلي بن فليس، وعز الدين ميهوبي، وعبد العزيز بلعيد.
وكانت الجزائر على موعد انتخابي رئاسي سابع في عهد التعددية يوم 7 سبتمبر الماضي شهد فوز المترشح الحر عبد المجيد تبون بعهدة ثانية تواليا بنسبة 84,30 بالمائة من الأصوات المعبر عنها أمام المترشح رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني بنسبة 9,56 بالمائة، وثالثا المترشح الأمين العام لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش بنسبة 6،14 بالمائة.
تاريخ، الانتخابات الرئاسية، عهد الحزب الواحد، التعددية السياسية، الجزائر
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة