يعد الفهرست لابن النديم من أوائل الببليوجرافيات التى صدرت فى القرن الرابع الهجرى. بل يمكننا القول بأنه يعد ركيزة هامة من ركائز الضبط الببليوجرافى على مر العصور وحتى وقتنا الراهن . وقد تعددت الكتابات التى تناولت هذا الكتاب بالدراسة ، والتحليل ، والتحقيق واتفقت على أهميته ، والثناء عليه ، حتى صار يستحق الصدارة ، وأن يطلق عليه "أهم كتاب ببليوجرافى عربى قديم " . فهو بمثابة مصدر من مصادر التراث العربى ومرجع للكتب العربية والمعربة فى ذلك الوقت مما دفع البعض إلى طبعه عدة مرات. ونلاحظ أن معظم هذه الكتابات التى تناولت " الفهرست لابن النديم " قد تركزت على الدراسة والتحقيق ، وذكر فضائل الكاتب والكتاب ، وتقسيماته وفنونه مع إشارة موجزة عن الطبعات التى صدرت فى بعض الأحيان .
نبعت فكرة الدراسة الحالية من خلال قراءاتى وتدريسى لمادة المصادر والمراجع جذب انتباهى أن الطبعات التى صدرت من كتاب " الفهرست " لابن النديم يظهر فيها الاتفاق والاختلاف مع النسخة الأصلية ، بالإضافة تارة وبالحذف تارة أخرى وهذا ما أثار لدى التساؤل عن السبب وراء هذا الاختلاف بين طبعات الكتاب المتعددة.لذا فقد رأت الباحثة أن هذه الظاهرة ـ الاتفاق والاختلاف ـ التى صاحبت طبعات كتاب الفهرست ، تستحق وقفه تأمل وقراءة مستفيضة ودراسة موازنة لهذه الطبعات للخروج بأفضل الطبعات التى كان ينشدها ابن النديم لكتابه. حيث تتبلور مشكلة هذه الدراسة فى التعرف على كتاب " الفهرست " لابن النديم من خلال دراسة الطبعات المحققة الصادرة منه دراسة نقدية بغية إبراز الفروق الحادثة بين هذه الطبعات فيما بينها من ناحية ، والخروج بأفضل طبعة ممثلة لكتاب " الفهرست " من ناحية أخرى من خلال إجراء موازنة (مقارنة ) بين طبعاته المتعددة الصادرة ، للتعرف على أوجه الاختلاف والاتفاق الذى صاحب هذه الطبعات من خلال التعرف على الطبعات الصادرة وأماكن نشرها وإعادة إصدارها. التعرف على ما تحتويه مقدمات هذه الطبعات موضوع الدراسة. التعرف على المخطوطات التى اعتمدت عليها الطبعات موضوع الدراسة. التعرف على الفهارس والكشافات التى تحتويها الطبعات موضوع الدراسة. التعرف على الشكل المادى وإخراج الطبعات موضوع الدراسة. التعرف على التصحيفات والتحريفات فى الطبعات موضوع الدراسة . تستعين الباحثة بالمنهج الوصفى بالإضافة إلى المنهج المقارن فى دراسة طبعات كتاب الفهرست لابن النديم نظراً لأنه أقرب المناهج لهذه الدراسة
لما كان الهدف الأساس من هذه الدراسة التعرف على الاختلاف والاتفاق للطبعات المحققة الصادرة من كتاب " الفهرست " ، فقد كان طبيعياً أن تشتمل الدراسة على الطبعات الصادرة منذ صدور الطبعة الأولى المحققة عام 1871/1872م ، وحتى صدور أخر طبعة محققة عام 1991 م . والطبعات التى تم الاعتماد عليها فى إجراء هذه الدراسة هى :
1ـ ابن النديم . الفهرست / تحقيق غوستاف فلوجل . ـ ليبزج :] د : ن [ ، 1871/1872 . ـ متعدد الترقيم
2ـ ابن النديم . الفهرست . ـ القاهرة : المكتبة التجارية الكبرى ، 1348هـ . ـ أ- و ، 8 ، 528ص . بمقدمة لأحد الأساتذة الجامعيين بمصر .
3ـ ابن النديم . الفهرست / تحقيق رضا تجدد . ـ طهران : ] د : ن [ ، 1391 . متعدد الترقيم .
4ـ ابن النديم . الفهرست / تحقيق ناهد عباس عثمان . ـ الدوحة : دار قطرى ابن الفجاءة ، 1985 .ـ 725 ص .
5ـ ابن النديم . الفهرست / تحقيق مصطفى الشويمي . ـ تونس : الدار التونسية للنشر ،1985 .ـ 904 ص .
6 ـ ابن النديم . الفهرست لابن النديم : دراسة بيوجرافية ببليوجرافية ببليومترية وتحقيق ونشر /شعبان عبد العزيز خليفة ، وليد محمد العوزة . ـ القاهرة : العربى للنشر والتوزيع ، 1991 .ـ 2 مج ( دراسات فى الكتب والمعلومات ) .
والجدير بالذكر أن هذه الدراسة ستتناول هذه الطبعات المتعددة من " الفهرست " لابن النديم بالدراسة والمقارنة ، دون التطرق إلى تحقيق نص كتاب الفهرست نفسه . لأن عملية تحقيق كتاب " الفهرست " ليس بالشئ اليسير حيث إن عملية التحقيق لا تقتصر على قراءة عابرة لنص الكتاب بل يحتاج الأمر إلى قراءة فاحصة متأنية والتأكد من مراعاة منهج التحقيق وسلامتها.
إن كتاب " الفهرست " لابن النديم صدر منه عدة طبعات وإعادة إصدار لهذه الطبعات نظراً للمكانة العلمية التى يحتلها كتاب الفهرست ، وهذه الطبعات المحققة الصادرة من " الفهرست " وتتفق فيما بينها أنها تناولت تحقيق نص الكتاب " الفهرست " ولكن نجدها تختلف فى المخطوطات التى اعتمدت عليها كل طبعة ، ويكمن أيضا الاختلاف فى المنهج المتبع من قبل كل محقق فى طبعته من كتاب " الفهرست " ، والمقدمات ، و الكشافات ، والفهارس التى نتجت عن هذه الطبعات أيضا يعتريها الاختلاف .
وترى الباحثة أن ظاهرة الاختلاف والاتفاق التى صاحبت طبعات كتاب الفهرست يفتح المجال أمام اكتشاف خبايا ، وحقائق ، ومعلومات تكون س
أ.د.مها أحمد إبراهيم محمد | Prof.Maha A.Mohamed | 21296