مدونة الحكمة


الفلسفة والعلمانية: فلاسفة العقد الاجتماعى {2}

محمداحمدمحمود | MOHAMED AHMED MAHMOUD


17/12/2022 القراءات: 1549  



انتشر مفهوم العقد الاجتماعى فى أكثر من موضع باعتبارة نظرية أو نموذج تبللور فى عصر التنوير ومفاده أن الأفراد يقبلون بشكل ضمنى أو صريح التنازل عن حريتهم، ويخضعون للسلطة الحاكمة فى مقابل حماية حقوقهم والحفاظ على أمنهم، وسوف نتناول فى هذا الجزء آراء فلاسفة التنوير التى بثت الأفكار العلمانية فى الغرب ومنهم:

 توماس هوبز :

رفض هوبز التراث الأرسطى القائم على أساس الدولة الطبيعية (مرحلة ما قبل المجتمع)، كما رفض التراث الدينى الذى يقوم على أساس أن الملك أو الحاكم هو ظل الله فى الأرض، أو بما عُرف بنظرية الحق الإلهى، ورأى أن الشعب هو الذى يختار الحاكم وليس السماء، ومن ثم تم توجيه السياسة نحو العلمنة.
و انطلق هوبز فى فلسفته السياسية من تساؤل أساسى وهو: ماذا يحدث للمجتمع فى حالة غياب القانون والنظام السياسى؟ وللإجابة على هذا التساؤل قام هوبز باستخدام منهج العزل السياسى، وقام بوصف الظاهرة السياسية فى حالة ما قبل المجتمع(الحالة الطبيعية) وفى حالة المجتمع، فرأى هوبز أن الانسان فى الحالة الأولى، يتصف بالأنانية والمصلحة الذاتية، مع غياب سلطة أو قوة تعمل على ضبط جموح الأفراد، والنتيجة انتشار الفوضى والسلب والنهب داخل المجتمع، مما يتيح لأفرادة استخدام عناصر القوة المختلفة(المال – الذكاء- الجمال- القوة البدنية) ضد الآخر، وهو مايعنى حرب الكل ضد الكل، وللخروج من هذه الحالة تكون عبر التعاقد لإنشاء مجتمع سياسى مدنى، يعيشون فيه بسلام فى مقابل خضوعهم لسلطة مطلقة، وبذلك يكون هوبز قد أراد الانتقال من الحالة الطبيعية الى حالة صناعة الدولة التى تقوم على مبدأ العقد الاجتماعى.
و هوبز من خلال منهجه وتحليله هذا قد استطاع خلخلة الأسس التى يقوم عليها الحكم المطلق، بنقله من السلطة المستمدة من الحق الإلهى الى سلطة البشر، تقوم على العقد الاجتماعى الذى يحل محل الكنيسة والحق الإلهى.

 جون لوك:
وضع جون لوك حداً فاصلاً بين الدولة والدين، فرأى أن الدولة هى حكم مدنى يقوم على التسامح ببين كافة الأديان والمعتقدات المختلفة، ولكل من الحاكم المدنى والكنيسة مجاله الخاص، فليس للحاكم سلطة على العقيدة أو العبادة، ولا يتدخل فى شئون الكنيسة، وللكنيسة حق السيطرة الكاملة على اتباعها فى مجالها الخاص، فلها حق قبول أو رفض أعضاء جدد وفقاً لقواعدها الخاصة وقوانينها، وسلطتها تكون على اتباعها وليس على من هم خارج الكنيسة.
و جعل لوك الدين نوعاً من أنواع الملكية، التى تنتقل من فرد الى آخر، حيث قال: ( لا يولد أحد عضو فى كنيسة ما، ولكن الدين ينتقل الى الانسان بقانون الوراثة، عبر الآباء والآجداد مثل الأرض) وعلى هذا الأساس نظر الى الدين بوصفه رأسمال شخصى، يمكن التعامل معه على أساس السوق.
رفض الكاثوليكية: رفض لوك الكاثوليكية لأنها تفرض على أتباعها عقيدة و ممارسات معينه لا يمكن القبول بها،لأن طقوسها موالية للأجنبى، والولاء للأجنبى يشكل عقبه أمام تماسك المجتمع، كما أن الدين الذى يقوم على سلطة كهنوتية محكوم دائماً بمنطق التبعية للمؤسسة الدينية ومصالحها الخاصة .
و تصورات جون لوك حول ملكية الدين والكاثوليكية، يقود الى القول بعدم جوهرية الدين فى البناء الاجتماعى، لأنه ربط بين الانسجام والمجتمع ، وكل مايعيق المجتمع كما فى الحالة الكاثوليكية يجب أن يستبعد، حتى يتحقق الانسجام والتوازن داخل المجتمع، أو يمكن حضورة شرط عدم تناقضة مع البنية الاجتماعية داخل المجتمع المدنى.

 جون جاك روسو
رأى روسو أن الدين لعب دوراً بارزاً فى الانتقال بالانسان من حالة السلم التى كان يعيشها فى مرحلة الطبيعة، الى حالة الفوضى والصراع بين الناس، ولذلك عمل على صياغة فكرة جديدة للدين، فقسم الدين الى: دين الانسان ودين المواطن، الأول يتعلق بالعقائد والروحانيات والعبادة والسمو الاخلاقى، وهذا النوع من الدين ليس للحاكم التدخل فيه أو حتى العلم به، أما الثانى: فهو يقوم على القوانين، وهذا النوع من الدين يجوز للحاكم التدخل فيه وضبط بنودة، وفى حالة عدم الالتزام به، يكون من حقه نفى المخالف الى الخارج.
الشعب مصدر القوانين: رأى روسو أن الشعب هو مصدر القوانين، ولا يجب لأى فرد مهما كان أن يسسلبه هذا الحق، لأنه هو الذى يبرر وجود الدولة.
و اقترح روسو التوحيد ببين القومية والدين، ورد كل شىء الى الوحدة السياسية، وطلب أن يتوافق الدين مع قوانين الدولة.
و أكد روسو أن الدولة لا تحتاج الى الكنيسة، لكى تمنحها الشرعية الاخلاقية، لأن الشعب هو المانح للشرعية، وهى هبه منحها الله للشعب، ومن ثم دعى روسو الى مبادلة الحرية المدنية، التى تحقق الأمن والعدالة بالحرية الطبيعية للفرد.


الفلسفة - العلمانية - العقد الاجتماعى - دين الانسان- روسو


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع