مدونة د.عمر أحمد أحمد مقبل مرعي
الصيام في ضوء الإعجاز العلمي
د.عمر أحمد أحمد مقبل مرعي | DR OMAR AHMED AHMED MOQBEL MAREAI
23/03/2022 القراءات: 3784
الصيام في ضوء الإعجاز العلمي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
إن الثواب والأجر في الدنيا والآخرة هو بتطبيق تعاليم وأحكام الإسلام ، بل وكل ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية يخفي خلفه إعجازًا بشكلٍّ أو بآخر قد لا تدركه العقول والأبصار، وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في فرض الصيام من خلال فوائده الجمّة على الفرد والمجتمع من حيث أن الصيام هي الفريضة التي اشتركت في أدائها أقوام مختلفة ممن تنزلّت عليهم الرسالات السماويّة كما جاء في القرآن الكريم مع اختلاف طرق الصيام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).
الإعجاز اللغوي في القران الكريم
يُعدُ الصوم والصيام مصدرانِ لفعْلٍ واحدٍ وهو الفعلُ صَامَ، وقال بعضُ العلماءِ بأنَّ لا فرقَ بينَ الصوم والصيام، ولكن قالَ البعضُ بأن ورودهما في القرآن في لفظينِ مختلفين، فيه دليلٌ على الاختلاف، سيما وأنَّ القاعدةَ البلاغيةَ تقولُ: "بأنَّ كُلُّ زيادةٍ في المبنى زيادةٌ في المعنى"، وعليه وجدت هذهِ الفروق عند البعض، ومنها: أنَّ الفرق بينَ الصوم والصيام، هو أن الصيام الإمساكُ عن المُفطرات، يصحبهُ وجودُ النيَّة، وهي العبادةُ المفروضةُ على المُسلمين، ودليلُ ذلك قولهُ تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[سورة البقرة، آية: 183. والصوم، هو الإمساكُ عنها أيضًا وعن الكلام، كما جاء في شرائعِ السابقين، والدليلُ قولهُ تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[سورة مريم، آية: 26.] فيرى أصحابُ هذهِ التفرقةِ بأنَّ عدمَ الكلام، هو ما ترتب على نذرِ الصومِ، أي أن صيامهم للنذر، يترتبُ عليه عدم الكلام. أنَّ الفرق بين الصوم والصيام، هو أنَّ كلمةُ الصيام خُصصَ استخدامُها في القرآنِ الكريمِ للعبادةِ، والصوم خُصص استخدامها للصمت، فلا يوجد في القرآن الكريم لفظ الصوم بمعنى العبادة، بل بمعنى الامتناع عن الكلام. أنَّ الفرق بين الصوم والصيام، هو أن لفظ الصيام جاء على صيغةِ مبالغة، التي من معانيها المفاعلة، أي المشاركة، بخلافِ الصوم الذي يُعدُ مصدرًا آخرًا من مصادرِ الفعل صَامَ، فكانَ لفظُ الصيامِ أوسع وأشمل وأعم، فلفظُ الصيام يحملُ معنى المجاهدة والمشاركة، وغير ذلك من الدلالات التي كانت من إحدى أهداف فريضة الصيام.
وهنا تتضح وتتجلى المعجزة العظمى لمحمد صلى الله عليه وسلم في تشريع الصوم، وتذكر بعض معجزات الصوم هنا:
المعجزة الأولى: ضرورة الصوم لكل إنسان:
حيث يعتبر العلماء اليوم الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها. ً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعلـه كالمريض فتثقلـه ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه
المعجزة الثانية: الصوم هو صحة كاملة بدنياً ونفسياً وروحياً:
ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة، والصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر.
والصيام وقاية للجسم من الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها. كما يخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، يقول تعالى: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة : 184).
المعجزة الثالثة: أقل فترة للصوم شهر واحداً في العام:
أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه ” الجوع من أجل الصحة “ 1976 ( أن على كل إنسان أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته) قال تعلى:( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(البقرة: من الآية185).
المعجزة الرابعة: في تحديد زمن الصوم اليومي من طلوع الفجر إلى غياب الشمس:
زمن الصيام الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في وقت الإفطار وقد أثبت البحث العلمي أن الفترة المناسبة للصوم يجب أن تكون ما بين 12-18 ساعة،
المعجزة الخامسة: أهمية وجبتي الإفطار والسحور للصائم:
فقد أثبت البحث العلمي أهمية وجبتي الإفطار والسحور في إمداد الجسم بالأحماض الدهنية والأمينية، وبدونهما يتحلل الدهن في جسم الإنسان بكميات كبيرة مما يؤدي إلى إلى تشمع الكبد وإلحاق أضرار خطيرة بجسم الإنسان. قال صلى الله عليه وسلم :(لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)
المعجزة السادسة: لماذا الإفطار على التمر؟:
فلقد كان رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وهذا الـهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر المـوجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة ويصل إلى الدم في دقائق معدودة، ويعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد.
إن هذا التشريع المحكم الذي يتضمن أسراراً لأدق الاكتشافات الطبية والذي نزل به القرآن في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها يدل على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6). كما يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله، وصدق الله القائل :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53).
فهذه هي معجزات الله الطبِّية في الصيام، الذي يُعَدُّ بمثابة الوقاية السَّنوية لجسم الإنسان من كثير من الأمراض .
نسألُ الله العظيم أن يُعِيد علينا رمضان أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة؛ إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه.
الصيام- الاعجاز - في ضوء القران-
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة