مروان جوابرة


قراءة في البعد الدلالي للصورة: المنهـج التـفكيكي

مروان أحمد جوابرة | Marwan Ahmad Jawabreh


16/12/2023 القراءات: 699  


المدرسة التفكيكية:
المدرسة التفكيكية هي تيار فلسفي نشأ في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي مرتبطة بشكل رئيسي بالفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا. يُعرف هذا التيار أيضًا بالديريديانية، وهو يتناول قضايا اللغة والنصوص والتراث الفلسفي والثقافي بطريقة تفكيكية. في النقد الأدبي، يشير "التفكيكية" إلى تقنية تحليلية تركز على تفكيك النصوص الأدبية إلى عناصرها المكونة، مثل اللغة والهيكل والسياق الثقافي .
تطوّرت المدرسة التفكيكية في فرنسا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وكانت تستجيب للأفكار السائدة في الفلسفة والنقد الأدبي في تلك الفترة، مع التركيز على اللغة والتفاعلات بين النصوص، وتناولت مجموعة من الأفكار:
- التفكيك والترابط: يعتبر ديريدا أن كلما حاولنا تحليل نص أو مفهوم، فإننا نكتشف ترابطًا دائمًا بين مكوناته، وفي الوقت نفسه، يقوم التفكيك بفحص القضايا المتعلقة باللغة والترابط والتباين.
- التراث الغربي: يتناول التفكيك قضايا تتعلق بالتراث الفلسفي والأدبي الغربي، ويعرض كيف يمكن أن تتغير معاني المصطلحات والمفاهيم على مر الزمن.
- التفكيك ليس تدميرًا: يؤكد ديريدا أن التفكيك ليس محاولة لتدمير الفهم التقليدي، ولكنه يُظهر التعقيد والمتناقضات داخل الأفكار والنصوص.
مصطلح التفكيك:
إن التفكيكية مشروع قراءة جديد، تمرد على كل ما هو مألوف من تقاليد فكرية كيكية وبتصريح من أحد أعلامها ومؤسسها "جاك"، وعلى هذا الأساس على أنها مدرسة فكرية ليست نظرية ولا منهجًا، بل هي استراتيجية قراءة ومميزة للخطاب بمختلف أنواعها؛ ويتم ذلك بتدمير النصوص الإبداعية من خاص الداخل للوصول إلى البؤرة الكامنة في عمقها.
تنظر التفكيكية إلى النص على أنه كتلة غامضة لابد أن نفجرها من الداخل لنكشف عن جوهرها الكامن في مركزها، ومن هنا يأتي سبب تسميتها تفكيكية والتي تعني في المصطلح الأجنبي لفظة Deconstruction، وهي مناقضة للفظة Construction، وهي مصطلح يدل من ناحية على الهدم والتشريح Destruction، وهي دلالات تقترن بالجانب المادي أو المرئي، كما أنه يدل من ناحية أخرى على تفكيك الخطاب بعمق وإعادة النظر إليه من زوايا مختلفة.
وعملية التفكيك ليست سهلة وهذا بتصريح من "دريدا" نفسه، إذ يعتبر التبسيط والاختزال عدو المنهجيات الحديثة، ولهذا يتسم نقد "دريدا" بأنه حفري غامض. وقد عبر عن التفكيك بأنه: "غياب ما هو خاص واللاانتماء، أي مطلب الاقتلاع وتأكيد الحقيقة المرتحلة". فالتفكيكية هي: "بحث أبدي في النسق الداخلي للنص، وخلخلة وتفكيك لكل المعاني التي تستمد منشأها من اللوغوس وبالخصوص معنى الحقيقة". وباختصار فالتفكيكية: "عملية تعرية للنص وكشف وهتك لكل أسراره وتقطيع أوصاله وصولًا إلى أساسه الذي يستند إليه".
المنهج التفكيكي:
نهج للتحليل النقدي ينطبق بصفة خاصة على النصوص الأدبية، وببحثها في قدرة اللغة على تصوير الواقع بدثة تؤكد على ما أنه ما من نص يمكن أن يكون له معنى ثابت لا يتغير، وأن القارئ لا بد من أن يستبعد أي افتراض فلسفي أو غير فلسفي في تناوله أي نص.
ظهرت التفكيكية مع جاك دريدا كرد فعل على البنيوية اللسانية، وهيمنة السيميوطيقيا على الحقل الثقافي الغربي، ويعني هذا أن التفكيكية – حسب جاك دريدا – فلسفة التقويض الهادف، والبناء الإيجابي، جاءت لتعيد النظر في فلسفات البنيات والثوابت، كالعقل، واللغة، والهوية، والأصل، والصوت، وغيرها من المفاهيم التي هيمنت على التفكير الفلسفي الغربي، أو جاءت لتنتقد المقولات المركزية التي ورثها الفكر الغربي من عهد أفلاطون إلى الستينيات من القرن العشرين، فترة ظهور التفكيكية مع جاك دريدا، هذا وإذا كانت التفكيكية قد اتخذت منحى فلسفيًا في الغرب مع دريدا، ومع مجموعة من الفلاسفة الأوروبيين، فإن التفكيكية قد اتخذت منحى أدبيًا في القراءة والتأويل في الثقافة الأنجلوسكسونية، حيث سخرت كل أدواتها من أجل تفكيك النقد الجديد New Criticism.

منطلقات المنهج التفكيكي:
لقد وضع "دريدا" بعض المنطلقات التي بررت وجود التفكيكية، كونه مؤسستها الأول عام 1966، ومن بين هذه المنطلقات يرفض "دريدا" ثلاث مقولات:
- سلطة العقل.
- سلطة الحضور.
- المقولات البنيوية.
وكان "دريدا" يدعو إلى هدم المألوف وعدم التقيد بالقوالب القديمة البعيدة عن زمن الإنسان المعاصر، وكان ذلك ثورة على فلسفة العقل والحضور والبنيوية التي سيطرت مقولات لعقود طويلة جاعلة من النصوص الإبداعية كيانًا بلا روح. وبهذا كان "دريدا" يبتعد عن المركزية الغربية التي وجدت لتفرض سلطة أيادية تفتقر إلى التفاعل، وتفصيل الخطاب الجمالي والخطاب الفلسفي.



جاك دريدا / المنهج التفكيكي / التفكيكية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع