مدونة الدكتور حميد ابولول جبجاب


دراسات في تاريخ العراق المعاصر (أحداث 1958 في العراق ،انقلاب أم ثورة ؟ )/ الجزء الأول

الدكتور حميد ابولول جبجاب | heemed Apoulol Chibchab


28/07/2024 القراءات: 253  


قبل أن أعرض الأسباب، وحتى أستطيع توصيل الفكرة للقارئ، فإن "الانقلاب" الذي أتكلم عنه هو خروج قوة عسكرية عن النظام الحاكم ترى فيه عدم الأهلية من وجهة نظر عسكرية، لفرض نظام عسكري جديد على المجتمع ، فتقوي من قبضتها عليه لمرحلة معينة ومحددة ومن ثم تسلم الحكم لسلطة مدنية تؤمن بالتعددية وما تفرزه الانتخابات الحرّة وهذا لم يحدث في انقلاب 1958 في العراق . وانقلابات ما بعد سايس بيكو هي بالإضافة إلى ما سبق، هي محاولة تحديث المجتمعات وتجهيزها ل"عقد اجتماعي" جديد.وبشأن الموضوع الذي نحن بصدده يتعين علينا ــ ما دمنا قد ارتأينا ضرورة البرهنة على أن إحداث العراق في ١٤ / تموز ١٩٥٨ هو انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية كما يطلق عليها مناصري قاسم في بداية الحكم وحتى يومنا الحاضرـ وجب علينا أن نرجع إلى المراجع الموسوعية بحثا عن التعريف الصحيح لهذا التعبير. اخترنا مصدرين لهذا الغرض: الأول هو قاموس اوكسفورد الموجز لعلم الاجتماع، والثاني هو القسم المختصر من الموسوعة البريطانية. ويقول أولهما في تعريف الانقلاب العسكري انه "استيلاء عنيف وفوري على سلطة الدولة بواسطة القوات المسلحة غالبا، بما ينطوي عليه ذلك من كونه غير ديمقراطي وغير دستوري. الأمثلة: اليونان (1967)، تشيلي (1973)، وتركيا (1980). والأمثلة على انقلابات غير ناجحة تتمثل في روسيا(1990)".
أما المصدر الثاني فيعرف الانقلاب العسكري بأنه "الإطاحة الفجائية بحكومة قائمة من جانب فرد أو مجموعة صغيرة، عادة بواسطة عنف محدود وأحيانا بلا عنف على الإطلاق. والأمثلة التاريخية على الانقلاب العسكري هي إنهاء الجمهورية الثالثة فى فرنسا بواسطة حكومة فيشي التي كان يرأسها المارشال فيليب بيتان فى يوليو 1940 إثناء الحرب العالمية الثانية، وإسقاط احمد بن بيللا من رئاسة الجزائر بواسطة الكولونيل هوارى بومدين في عام 1965. ويسفر الانقلاب عادة عن استبدال سريع للشخصية الرئيسية الحاكمة بخلاف ما يحدث في الثورة. ولا يؤدى إلى تغييرات أساسية فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية" .
لم يكن يوم الرابع عشر من تموز1958 يوم عادي في تاريخ العراق المعاصر من ارتفاع بدرجات الحرارة وقرب ايام ( طباخات الرطب )* وإنما كان يوم طبخه سياسية خارجية ظلت أثارها قائمة إلى يومنا الحاضر .
كان الانقلاب الذي حدث في العراق في الرابع عشر من تموز ١٩٨٥ نتاج شخصين على وجه الخصوص، عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف مع مجموعة من أتباعهم ممن يشغلون مواقع إستراتيجية في الجيش العراقي . لقد تطورت علاقات العمل الوثيقة بين الرجلين في عمان ١٩٥٦ عندما كان عارف آمراً لكتيبة تعمل تحت إمرة قاسم. أفضى قاسم بأهدافه الثورية إلى عارف، الذي لفتت جرأته وشجاعته أنظار قاسم. ويبدو أن قاسم وجد في عارف رجلاً لا يتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة عندما يحين الوقت. ولدى عودتهما إلى بغداد من نفس السنة، قام قاسم بتقديم عارف إلى اللجنة المركزية. ومهما يكن من أمر، فإن التخطيط الفعلي لانقلاب تموز لم يحدث في بغداد بل في جلولاء، شمال شرقي بغداد، حيث كان الرجلان يرابطان في ١٩٥٨ .


التاريخ ، انقلاب ، ثورة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع