مدونة د . ميلاس عبدالصمد


الانتقال إلى الطاقات المتجددة: بين الشعارات البيئية والمصالح الجيوسياسية

ميلاس عبدالصمد | MILLES ABDESSMAD


21/01/2025 القراءات: 10  


تُعد الطاقات المتجددة ركيزة أساسية للتصدي لتغير المناخ وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة المتزايد عام بعد عام ، إلا أن تعميمها عالميًا لا يتم دائمًا بناءً على اعتبارات ومصالح ذاتية بختة للدول وخاصة المتقدمة منها.
في الواقع، يتحكم البُعد السياسي والمصالح الاقتصادية والجيوسياسية في مسار الانتقال الطاقوي، مما يُظهر توازنات معقدة بين الطموحات البيئية والمصالح الاستراتيجية.
و عليه وجب طرح مدخل القضية:
هل تواجه الطاقات المتجددة تطور سريع أم شعارات فقط ؟
رغم النمو الملحوظ في الاستثمارات في الطاقات المتجددة، حيث أشارت تقارير وكالة الطاقة الدولية (IEA) إلى أن مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح، شكّلت نحو 30% من إنتاج الكهرباء عالميًا في عام 2022، إلا أن الفجوة بين الأهداف الطموحة والتنفيذ الفعلي لا تزال واضحة. فالاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري لم ينحسر بشكل كبير، حيث يغطي النفط والغاز والفحم أكثر من 80% من احتياجات العالم من الطاقة.
واذا دخلنا من باب آخر ... نجد ان الحروب ودورها في تعزيز الاعتماد على الطاقات الأحفورية ، لا يراعي لا البيىة و لا الطاقة الخضراء ....!
لنا امثلة عديدة تعكس تعقيد مشهد الطاقة. الأزمة الأوكرانية، على سبيل المثال، كشفت عن هشاشة أنظمة الطاقة العالمية واعتماد أوروبا الكبير على الغاز الروسي، الذي يمثل أكثر من 40% من استهلاكها. رغم التوجه المعلن نحو الطاقات المتجددة، اتجهت العديد من الدول الأوروبية إلى زيادة استيراد الفحم وتوسيع استخدام الطاقة النووية والغاز الطبيعي المسال لتعويض النقص.
لا يمكن إنكار أن الطاقات المتجددة تُعد خيارًا مستدامًا على المدى البعيد، لكن التحول نحوها يتطلب استثمارات ضخمة. في عام 2023، قُدرت الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة بنحو 1.3 تريليون دولار، لكنها تظل أقل من نصف الاستثمارات في قطاع الطاقة الأحفورية والبنية التحتية المرتبطة بها. كما أن الدول المنتجة للنفط، مثل السعودية وروسيا، تعتمد على العائدات النفطية لتمويل اقتصاداتها، مما يعزز استمرارية الهيمنة الأحفورية.

تحديات الانتقال الطاقوي

البنية التحتية: تعتمد أغلب الدول على بنية تحتية مصممة لاستخدام الطاقات الأحفورية، ما يجعل الانتقال للطاقات المتجددة مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلًا.

المصالح الجيوسياسية: السيطرة على الموارد الأحفورية تمنح الدول المنتجة نفوذًا سياسيًا كبيرًا، كما هو الحال في الشرق الأوسط وروسيا.

الطموحات المتناقضة: بينما تدعو الدول الكبرى لتقليل الانبعاثات، فإن سياساتها الاقتصادية والعسكرية غالبًا ما تتعارض مع هذه الدعوات.


يبقى الانتقال إلى الطاقات المتجددة مرتبطًا بتوازن المصالح بين الدول الكبرى والدول النامية. وفي ظل هذه التحديات، قد تظل الطاقات الأحفورية المورد الأول لعقود قادمة، فيما تبقى الطاقات المتجددة أداة لتعزيز الصورة السياسية والاقتصادية للدول المتقدمة.
ان تعميم الطاقات المتجددة ليس مجرد مسألة تقنية أو بيئية، بل هو قضية سياسية وجيوسياسية تحكمها المصالح الاقتصادية والاستراتيجية. وفي ظل هذه التوازنات، يبدو أن التحول الكامل نحو الطاقات النظيفة يحتاج إلى أكثر من مجرد شعارات، بل يتطلب إعادة صياغة لنظام الطاقة العالمي القائم.
#ميلاس_عبدالصمد


الطاقات المتجددة ، الانتقال الطاقوي ،الطاقات الاحفورية، وكالة الطاقة الدولية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع