ازدواجية المعايير الدولية لأسباب عقدية "فلسطين انموذجاً " الجزء الأول
زهراء رياض علي الطائي | Zahraa Riyadh Ali Altaee
19/10/2023 القراءات: 1175
في ظل الجرائم الدولية الصهيونية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، كثيرا ما نسمع من يردد أين دعاة حقوق الإنسان أين أنصار الديمقراطية والحريات ... ماهو دور منظمة الأمم المتحدة ؟ لماذا لا يطبق القانون الدولي الإنساني...
نعم ان القانون الدولي الإنساني يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية وذلك في اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي لعام 1954، وتشمل المواقع المدنية كلا من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب القانون.
وخصصت حماية خاصة للمستشفيات في اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 18)، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.
وتنص الاتفاقية على "عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية"، وفق المادة الـ19.
في حين تلزم اتفاقيات جنيف الأربع -المادة الثالثة المشتركة- جميع الأطراف على وجوب "جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم".
وفي الاصل وقبل ان توضع اتفاقيات القانون الدولي الإنساني كانت قواعده مطبقة بشكل اعراف وتقاليد إنسانية يعرفها الإنسان السوي بالفطرة، كحماية المدنيين والمواقع المدنية وعدم الاجهاز على الجريح وحسن معاملة الاسرى وعدم التعرض للنساء والاطفال وكبار السن فكانت هذه المبادئ تسمى اخلاق الفرسان .
ان الجهود الكبيرة والتضحيات التي قُدمت من اجل اقرار قواعد حقوق الإنسان وتدوينها وتطبيقها سواء في السلم أو الحرب، لم تستطع لحد الان ان تجد وسائل جدية لإنفاذ هذه القواعد وضمان تطبيقها ومعاقبة من يخالفها بشكل عادل، فكانت ذريعة "انتهاك حقوق الانسان وتهديد السلم والأمن الدوليين" وسيلة لتدخل مجلس الأمن في العديد من الدول وتغيير انظمتها الحاكمة أو معاقبتها، في حين يلتزم المجلس الصمت في مواضع اخرى خاصة عندما تكون اسرائيل هي من يخرق مبادئ السلم والأمن الدوليين، ان سياسة ازدواج المعايير مارسها مجلس الأمن بأبشع الصور خاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين، ولا غرابة في ذلك فإن من يملك القرار هناك هم الدول دائمة العضوية والتي تدير القرارات حسب مصالحها ومصالح اتباعها، وان دل هذا على شيء فإنه يدلل على فشل منظمة الامم المتحدة في تحقيق اهدافها في حفظ السلم والأمن الدوليين وارساء العدالة وحماية مبادئ حقوق الإنسان، حيث لم تستطع الأمم المتحدة بكل ما تملك من مؤهلات تحقيق المعايير والاهداف التي نادت بها في ميثاقها، فكأنت بمثابة الاداة والوسيلة التي شُكلت لحماية مصالح الدول التي تملك مصادر القوة من المال والسلاح !
وفي واقع عدم توازن القوى على الصعيد الدولي، فإن مما يؤسف له، هو واقعنا نحن المسلمون والعرب تحديداً، الخضوع والهوان والضعف الذي تعاني منه شعوبنا العربية والذي طال واستمر، ان جميع الشواهد تدلل على التمييز والعنصرية الغربية تجاه قضايا الدول الاسلامية، خاصة القضية الفلسطينية فلطالما كانت الأمم المتحدة تغض الطرف عن الجرائم الصهيونية أو تدينها على استحياء، وهذه المسألة تحديدا ليست سياسية أو مصالحية بقدر ماهي "حرب عَقَدية" لأن أرض فلسطين تشكل رمزا دينيا لدى اليهود والمسلمين على حدٍ سواء، وهم يدركون ان فرصة الحل السلمي بين اليهود والمسلمين معدومة ،فلا سلام لدى اليهودوحلفاءها الالمن يقف في صفهم، وهذه الحقيقة يؤكدها قوله تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم)
ان انتزاع حقوق الدول العربية المسلوبة في فلسطين وغيرها لا ولن يكون باللجوء الى الأمم المتحدة ولا بمساعدة الدول الغربية أو الحكام العرب الموالين لهم، انما سيكون ذلك من خلال اتباع تعاليم دينهم، قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه " نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله".
اما بشارة تحرير المسجد الأقصى فقد انزلها الله تعالى في آيات محكمات في نفس السياق من سورة الاسراء سنوردها فيما يلي مع تفسيرها:
قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً * وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرَضِ مَرَتَيْنِ وَلَتَعْلُّنَّ عُلُواً كَبِيراً * فَإذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرينَ حَصِيراً ﴾،افتتح الله تعالى سورة كاملة خصها بالحديث عن معجزة الاسراء والمعراج والتي نقل فيها النبي صلى الله عليه وسلم من الارض الى السماوات ، ثم تتابع الآيات مخبرة عن حال بني اسرائيل بدليل لا يقبل الشك على أن اليهود سيتجمعون في فلسطين موقع المسجد الأقصى ويتخذونه موطناً لهم، وسيكون لهم فيها علو وإفساد وتسلط عسكري وسياسي وأيدلوجي يسري على كثير من الدول لاسيما العظمى منها،
ازدواجية المعايير الدولية- فلسطين قضية عقيدة- الاحتلال الصهيوني-
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة