الحمد لله والصلاة السلام على حبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن تحديد المفاهيم الإسلامية، ووضعها في إطارها الصحيح من أهم ما يجب أن تتوجه إليه أنظار الباحثين في هذه الأيام.
إذ عليها تبنى النظريات الصحيحة، والتفسيرات العلمية الدقيقة وبها يدرك خطوط التلاقي والافتراق فيمابين هذه المفاهيم. ومفهوم النصيحة واحد من تلك المفاهيم التي لا تزال بحاجة إلى وضعها في إطارها الصحيح، حيث تتداخل في كثير من الأحيان مع مفاهيم أخرى، بل ربما تغيب فيها أو تتوحد معها عند كثير ممن لا يمعن النظر في مدلولاتها. وندرك هذا جيداً من خلال كلام كثير العلماء عن النصيحة في معرض حديثه عن الموعظة، وعن الدعوة في معرض حديثه عن النصيحة، إلى غير ذلك من التداخلات بين المفاهيم المتعددة والتي توحي بعدم انضباطها لديهم.
بل إن بعضاً ممن يتعرض لتفسير كلام الله سبحانه يقع في هذا الخلط أيضاً، حيث يطلق الموعظة على النصيحة، والنصيحة على الدعوة، والدعوة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسوق . على سبيل المثال . قصة لقمان الحكيم وهو يعظ ابنه في معرض النصيحة، دون أن يكلف نفسه أي عناء في البحث عن سر تعبير الباري سبحانه عن ذلك بالموعظة دون النصيحة حين قال: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَنُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَبْنَى لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشَّرْكَ لَظُمُ عَظِيمٌ ) العمان: ١٣
أحمد محمد محمد شعبان | Ahmad Mohamad Chaban | 731