ظهور السلالة الجديدة من فيروس الكورونا وتأثير الطفرات الوراثية
ابوبكر حامد علي | Abubaker Hamed Ali
31/01/2021 القراءات: 3223
ظهور السلالة الجديدة من فيروس الكورونا وتأثير الطفرات الوراثية
تحمل السلالة الجديدة 14 طفرة محددة بما في ذلك سبعة في بروتين السنبلة، وهو البروتين الذي يتوسط دخول الفيروس إلى الخلايا البشرية. يعتبر هذا العدد كبيرا نسبيا مقارنة بالعديد من السلالات الموجودة حاليا على الصعيد العالمي.
يبدو أن هذه السلالة بدأت الآن في الانتشار بصورة يمكنها من غلبة السلالات الحالية من الفيروس ويظهر بوضوح مسؤوليتها عن نسبة متزايدة من الحالات في أجزاء محددة من المملكة المتحدة. لا تتوفر للخبراء اي دليل حتى الآن على أن هذه السلالة تغير شدة كوفيد 19، سواء من حيث الوفيات أو من خطورة حالات المصابين.
كيف تحدث طفرات الفيروس؟
تعد الطفرات جزءاً طبيعياً من تطور الفيروس. في حالة سارس كوف 2 قد تنشأ هذه الطفرات بسبب أخطاء عشوائية أثناء تكاثر الفيروس، أو بسبب الاجسام المضادة للفيروسات داخل الأشخاص المصابين، أو لربما عن طريق الخلط الجيني - المعروف باسم إعادة التركيب على الرغم من عدم اكتشاف علامات إعادة التركيب حالياً في سارس كوف 2.
من المتوقع ألا يكون لمعظم الطفرات الفيروسية أي تأثير. على سبيل المثال، عندما قامت احدى فرق البحث بتقييم تأثير الطفرات في أكثر من 50000 جينوم اثناء الموجة الأولى للوباء، لم يكتشف أي شيء يغير بشكل كبير القابلية الفيروسية – أي قدرة الفيروس على البقاء والتكاثر.
ومع ذلك، في كثير من الأحيان، قد توفر طفرة أو مجموعة معينة من الطفرات للفيروس ميزة جديدة. وقد تتزايد الفيروسات التي تحمل هذه الطفرات عن طريق الانتقاء الطبيعي في ظل البيئة الوبائية الملائمة.
من أين أتت هذه السلالة؟
لا نعرف ذلك في الوقت الحاضر. حتى الآن، لم يحدد العلماء أي فيروسات وثيقة الصلة لدعم النظرية القائلة بأن السلالة جاءت من خارج المملكة المتحدة. لقد لوحظت سابقا أنماط طفرة مماثلة لهذه السلالة في تطور سارس كوف 2 في المرضى الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. الفرضية الحالية هي أن هذه السلالة قد ظهرت في مريض واحد من هذا القبيل وانتشرت في البيئة المحيطة به.
كم عدد أشكال سارس كوف 2 التي وجدت؟
هناك عدة آلاف من سلالات السارس كوف 2 والتي تختلف عن بعضها البعض بعدد قليل جدا من الطفرات. الا انه يبقى صحيحاً الاعتقاد أن السارس كوف 2 المنتشر عالميا في الوقت الحاضر ليس لديه الا القليل من التنوع الجيني. ومع ذلك، تم تشخيص ما لا يقل عن ألف نوع جديد للفيروس في المملكة المتحدة وحدها.
لماذا هذه السلالة مختلفة؟
من المهم ملاحظة أن العديد من الطفرات التي تحدد السلالة الجديدة في المملكة المتحدة قد لوحظت في سارس كوف 2 قبل وحتى في بعض الأحيان في وقت مبكر جداً من الوباء. ومع ذلك، يتم تعريف السلالة البريطانية، من خلال عدد غير عادي من الطفرات. سبق أن ثبت أن إحدى هذه الطفرات تزيد من ارتباط الفيروس بالمستقبلات على اغشية خلايانا. ظهرت هذه الطفرة لأول مرة في فيروس في البرازيل في أبريل 2020 وهي مرتبطة حالياً بسلالة سارس كوف 2 تزداد نسبتها أيضًا في جنوب إفريقيا.
كما ظهرت عمليات التغيير (حذف بعض اجزاء الحامض النووي) التي تم تحديدها في بروتين السنبلة في سلالات أخرى متعددة من الفيروس وبتواتر متزايد، كما لوحظت أيضاً في حالات العدوى المزمنة حيث يمكن أن تغير من التعرّف على المستضدات بواسطة الأجسام المضادة المناعية. قد ترتبط عمليات التغيير هذه أيضاً بطفرات أخرى في المنطقة المرتبطة ببروتين السنبلة، بما في ذلك تلك التي لوحظت في العدوى في حيوان المنك وطفرة تظهر أنها تلعب دوراً في قدرة الفيروس على التهرب من جهاز المناعة لدى البشر.
ماذا يعني هذا بالنسبة للقاح؟
في هذه اللحظة لا نعرف الجواب. على الرغم من أننا يجب أن نطمئن إلى أن اللقاحات تحفز استجابة واسعة من الاجسام المضادة لبروتين السنبلة بكامله، لذلك من المتوقع أن لا تعيق الطفرات فعالية الاجسام المضادة بشكل كبير. وهذه الفرضية لازالت قيد الاختبار بالفعل. ومع ذلك، هناك مجموعة متزايدة من الأدلة على أن الأنواع الأخرى من الفيروسات التاجية تظهر بعض القدرة على الهروب من تأثير المناعة وعلى مدى فترات زمنية أطول. لذلك من المعقول تصور أننا قد نصل إلى مرحلة حيث يتطلب منا تحديث لقاحات كوفد 19، كما نفعل مع الإنفلونزا، لتعكس المتغيرات التي تظهر في ذلك الوقت. من السابق لأوانه القول ما إذا كان هذا هو الحال الآن، ولكن تحديد تسلسل الجينوم الشامل، ومشاركة البيانات، والإبلاغ الموحد عن المتغيرات سيكون أمراً حيوياً لتوجيه الجهود نحو تصميم لقاحات اخرى.
---------------------------------------------
(1) السلالة: هي متغير جيني أو نوع فرعي من الكائنات الحية الدقيقة (فيروس أو بكتيريا أو فطر). على سبيل المثال، "سلالة الأنفلونزا" هي شكل بيولوجي معين من الأنفلونزا أو فيروس "الأنفلونزا". تتميز سلالات الإنفلونزا هذه باختلاف الأشكال للبروتينات على سطح الفيروس. يمكن إنشاء سلالات فيروسية جديدة بسبب طفرة في احد الجينات أو تغيير المكونات الجينية عندما يصيب فيروسان أو أكثر نفس الخلية في الطبيعة.
(2) بروتين السنبلة: يتكون فيروس الكورونا من حامض نووي رايبوزي يمثل جينات الفيروس محاط بجدار مكون من مئات من البروتينات احدها هو بروتين السنبلة والذي يكون مسؤولا عن التصاق الفيروس بالخلية. كما أنه أحد أهداف جهاز المناعة لدينا في مواجهة العدوى، وفي انتاج اللقاحات قيد التطوير حالياً.
(3) الطفرة: تحدث الطفرة عندما يتلف جين (الحامض النووي) أو يتغير بطريقة تؤدي إلى تغيير الرسالة الجينية التي يحملها ذلك الجين. المطفّر هو عامل او مادة يمكنها إحداث تغيير دائم في التركيب المادي لجين الحمض النووي بحيث يتم تغيير الرسالة الجينية.
(4) سارس كوف 2: اسم الفيروس الذي يسبب مرض كوفيد 19 او الكرونا المستجد.
كورونا، الطفرات الوراثية، بروتين، الفيروس
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع