مدونة الباحثة مختارية أبوعلي - باحثة في مقاصد الشريعة الإسلامية -


العبادات الشرعية .. أحكام ومقاصد

مختارية أبو علي | Mokhtaria Bouali


17/05/2020 القراءات: 4416  


من المسلّمات التي لا خلاف فيها, أنّ قصد الشّارع الحكيم من تشريع العبادات وإلزام المكلّف بأحكامها إنّما هو لتحقيق مقصد الخضوع له سبحانه, من حيث عبادته بما شرّع امتثالا والتّسليم بحكمه انقيادا, وتلكم هي تجلّيات معنى التعبّد "وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون" , غير أنّ القول بقصدية الخضوع والامتثال في العبادات أصالة لا ينفي تعليلها بالمصالح والحِكم والمقاصد الشرعية -تبعًا- التي تُرجى منها في العاجل والآجل, وفي هذا الصّدد يقول الإمام الشّاطبي "المقصد الشّرعي من وضع الشّريعة إخراج المكلّف عن داعية هواه, حتّى يكون عبدا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارا" , فلنتأمّل كيف أنّ الشّارع سبحانه قصد بأحكامه إلى الخروج عن اتّباع الهوى والدّخول تحت التعبّد والامتثال وهو مقصد أصلي, كما قصد إلى تحقيق مصالح للعباد عائدة عليهم ومثبتة لحظوظهم تفضّلا منه عزّ وجلّ وتلك هي المقاصد التّبعية, سواء أكان ذلك في العبادات أو المعاملات, ففي الأولى مثلا تحقيق قصد رضى الخالق, والاطمئنان الروحي والنّفسي, ومثال الثانية قضاء الحاجات وتيسير التعاملات وتنظيم الحياة حال الانفراد والاجتماع.
ومن هذا المنطلق يتقرّر أنّ المقاصد الأصلية إذا روعيت في العبادات كانت أدعى للقبول والتّحقق بإخلاص العبودية والامتثال, على عكس ما إذا روعيت المقاصد التّبعية مجرّدة عن الأصلية, كون العبادات تُؤدّى لمجرّد الحاجة وداعية الهوى بصرف النّظر عن خطاب الشّارع وقصده.
وعليه يمكن القول أنّ الجمع في إناطة العبادات وأحكامها بين مقاصدها الأصلية والتّابعة, يعتبر من كمال الفقه وتمام النّظر, على وجه يجعلها أقرب إلى القبول والانقياد والإخلاص.


مقاصد- العبادات- أحكام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


عنوان الموضوع يوحي بأن هناك عبادات غير شرعية وأن محل الدراسة هو العبادات الشرعية فقط. فلو كان الاقتصار على لفظ العبادات لكفى، وأرى والله أعلم أن قيد الشرعية زائد.


العبادات الشرعية هي ما شرعها الله سبحانه وتعالى وفرضها على عباده بدليل نصوص الكتاب والسنّة (إجمالا أو تفصيلا)، ولا خلاف في أنّ هناك من استحدث أمورا تحت مسمّى العبادات من دون أن يرد الدّليل عليها وقد تسمّى بدعا مثلا أو عبادات بدعية (وأمثلتها كثيرة)، وأستحضر هنا مؤلّف لشيخ الإسلام رحمه الله بعنوان: رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية.. والله أعلم