مدونة الدكتور الحسين سليم محسن
كورونا وأزمة العالم في القدرة على المواجهة
الحسين سليم أحمد محسن | Al-Hussein S. Mohsen
01/01/2020 القراءات: 5111
تعتبر كورونا (كوفيد 19) أزمة حقيقية كشفت عن واقع استعداد الدول المختلفة لمواجهة أزمات صحية طارئة من هذا النوع والحجم. في بداية موسم كورونا التي كان مسرحها مدينة ووهان Wuhan الصينية، كانت معظم مدن ودول العالم في حالة اطمئنان، ولو نسبيا، لا تعاني نفس الحالة من القلق التي نشأت عند الصينيين وسلطاتهم المختصة. وسواء كان عدد الضحايا الصينيين، جراء كورونا كبيرا أم صغيرا، إلا أن عدد الضحايا في دول غرب أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى كان كبيرا جدا، بل تجاوز ما لديهم من قدرات وإمكانيات، وهذا ما كان يسوق له الإعلام آنذاك.
في دول شمال أفريقيا، وتحديدا ليبيا، كان أول ظهور لكورونا في مارس، ثم استمر الوضع في حالة هدوء حوالي شهرين، وربما أكثر بقليل، فكان عدد الإصابات صفرا أو منخفضا جدا ولأجل مواجهة هذا الوضع المستجد، فقد اتخذت الحكومة الليبية سلسلة من الإجراءات، وذلك منذ منتصف مارس حيث تم إيقاف الدراسة في جميع المراحل، وتوقفت الصلاة في المساجد، وتم حظر التجول لفترات طويلة، وخاصة في المدن الرئيسة كطرابلس، والتزم الناس إلى حد كبير بذلك، إلا أن تفاقم الوضع الاقتصادي في ليبيا ونقص السيولة في المصارف وحالة الحرب، التي كانت قائمة آنذاك ولم تنتهِ إلا بداية يونيو الماضي، أدى فيما بعد إلى عدم الاهتمام كثيرا بقرارات حظر التجول وصار الناس في حالة فكاك عنها. لاحقا، بدأ ظهورحالات كورونا بمعدل صار يزداد يوما عن يوم، وظهرت حالات الإصابة الجماعية، في الأسر، وحدثت وفيات. ومع سوء الأوضاع عموما وانهيار أوضاع الصحة العامة خصوصا، نتيجة الإهمال الحكومي، إلا أن العمل التطوعي في المجتمع، وإن كان على نحو محدود، قد أدى إلى تكوين جبهة مضادة للمرض، وكان لها دور إيجابي في هذا الشأن.
نعود لقطاع التعليم، فالدراسة متوقفة منذ مارس، وحيث أن الفصل الدراسي الثاني للمدارس كان قد بدأ فكان لا بد من إنهائه بأي شكل، لكن دون عودة الطلاب إلى مدارسهم، وحاولت وزارة التعليم اتخاذ إجراءات تساعد على ذلك، مثل تقديم دروس على بعض القنوات التلفزيونية، والتي أرى أنها لم تؤت أكلها كما كان متوقعا، فالكهرباء كانت في حالة انقطاع لساعات طويلة قد تتجاوز العشر، وربما أكثر، وارتفاع درجة الحرارة وكذلك عدم مناسبة أوقات البث في كثير من الأحيان، كل ذلك كان سببا لعدم تمكن الطلاب من المتابعة، كما كان هناك سبب آخر يمنع الطلاب حتى من المتابعة في حدها الأدنى بسبب الانهيار النفسي الناتج عن الحجر المنزلي لفترات طويلة وعدم الخروج وانقطاع الزيارات إلا في حدها الأدنى. في نهاية المطاف، اتخذت الوزارة إجراء يتمثل في الإعلان، عبر صفحتها على الفيس بوك، عن مجموعة من الأسئلة الاسترشادية لكل مادة، والتي كان على الطالب أن يجيب عنها بمساعدة المدرس أو المدرسة، حيث تم تمكينهم من العودة إلى المدارس على نحو جزئي، لأجل التحضير والاستعداد للامتحانات النهائية التي أجريت آخر أكتوبر وبداية نوفمبر.
أما الكليات الجامعية فقد عاد الطلاب لإجراء الامتحانات النهائية لفصل الخريف 2019 / 2020 أثناء شهر أكتوبر لأداء الامتحانات النهائية التي كان مقررا تنفيذها منتصف مارس الماضي. أما الفصل الثاني، الربيع، فيبدو أنه لم يعد بالإمكان تنفيذه، بل إن بداية العام الدراسي 2020 / 2021 لا تبدو في الأفق المنظور!
وأما عن التعليم عبر الإنترنت، كما هو الحال في بعض الدول، فذلك شيء بعيد المنال في الوقت الحالي، ولا يمكننا الحديث عنه، لأسباب مختلفة، منها عدم الاستعداد التقني لتنفيذ هذه البرامج سواء لدى الجامعات أو المدارس، وعدم استعداد المدرسين وحتى الطلاب لهذه البرامج والتفاعل معها، إضافة إلى ضعف شبكات الإنترنت العاملة في البلاد، وخاصة عند انهيار شبكة الكهرباء.
وختاما، لا يعلم إلا الله متى ستنتهي هذه الأزمة، لكن المؤكد أن العالم لن يكون كما كان، وسيتغير العالم على نحو كبير.
كورونا ، ليبيا ، التعليم ، العام الدراسي ، ووهان
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة