مدونة زينة وليد عباس


بانتينج وماكلويد: طبيب وباحث لامع أنقذا حياةَ الملايين(ج2)

زينة وليد عباس | zinah waleed Abass


26/06/2020 القراءات: 3660  



في عامِ ألفٍ وثمانِمِئةٍ وتسعةٍ وتسعينَ تمَّ تعيينُهُ معيدًا لعلمِ وظائفِ الأعضاءِ في كليةِ الطبِّ بمستشفى لندن تحتَ إشرافِ البروفيسور ليونارد هيل، وفي عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ واثنينِ تمَّ تعيينُهُ محاضرًا في الكيمياءِ الحيويةِ في الكليةِ نفسِها. في ذلكَ العامِ حصلَ على منحةِ ماكينون للأبحاثِ في الجمعيةِ الملكية، واحتفظَ بها حتى عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثلاثة، عندما تمَّ تعيينُهُ أستاذًا لعلمِ وظائفِ الأعضاءِ في جامعةِ ويسترن ريزيرف في كليفلاند بالولاياتِ المتحدةِ الأمريكية.

في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةَ عشَرَ ، انتُخبَ أستاذًا لعلمِ وظائفِ الأعضاءِ في جامعةِ تورنتو بكندا. ومديرًا للمختبرِ الفسيولوجيِّ وعميدًا مساعدًا لكليةِ الطب. كانَ "ماكلويد" مهتمًّا بشكلٍ خاصٍّ باستقلابِ الكربوهيدرات في مرضِ السكري؛ بدأَ اهتمامُه بالأمرِ عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسة، وخلالَ حياتِهِ نشرَ أكثرَ منْ سبعٍ وثلاثينَ ورقةً حولَ استقلابِ الكربوهيدرات؛ علاوةً على اثنتَي عشْرةَ ورقةً بحثيةً في مجالاتٍ أخرى ذاتِ صلةٍ بالسكري. وهوَ الأمرُ الذي دفعَ "بانتينج" إلى الالتحاقِ بمجموعةِ الأبحاثِ التي يُديرُها ويُشرِفُ عليها "ماكلويد".

طلبَ "بانتينج" منْ "ماكلويد" العملَ تحتَ إشرافِهِ في تجاربَ تهدِفُ إلى كشفِ دورِ البنكرياس في استقلابِ الأطعمةِ النشوية. وافقَ "ماكلويد" على مضض. وأعطاهُ عشْرةَ كلابٍ لإجراءِ التجارب.

كانَ ذلكَ الوقتُ في بدايةِ العُطلةِ الصيفيةِ للجامعة؛ عيَّنَ "ماكلويد" طالبًا في مرحلةِ الماجستير يُدعى "تشارلز بيست" مساعدًا لـ"بانتينج". كانَ ذلكَ هوَ الاختيارَ العشوائيَّ الأفضلَ في حياةِ الأشخاصِ الثلاثة، فـ"بيست" كانَ شديدَ الحماسِ لإجراءِ التجاربِ التي عزلَ فيها "بانتينج" مجموعةً كبيرةً منَ الهرموناتِ لحقنِها في الكلابِ ومراقبةِ مستوياتِ السكرِ في الدم. كانَ "بيست" يقضي ليلَتَهُ معَ الكلابِ في المعملِ لمراجعةِ حالتِها الصحية. وقامَ بمساعدةِ كلٍّ منْ "بانتينج" و"ماكلويد" في التوسُّعِ في التجاربِ الطبيةِ على الكلاب، التي نَفَقَتْ جميعًا؛ وكادَ الفريقُ أنْ يفقدَ الأمل.

في ليلةٍ مُقْمِرَة؛ قررَ "بانتينج" حقنَ الكلبِ رقمَ أربعَمئةٍ وعشَرة بهرمونِ الأنسولين. بعدَ مرورِ ساعةٍ واحدة؛ قامَ بتحليلِ دمِهِ؛ ليجدَ أنَّ مستوياتِ السكرِ في دمِ الكلبِ عادتْ إلى طبيعتِها بشكلٍ كامل.

وبعدَ أقلَّ منْ عام؛ قامَ "بانتينج" بتجربةِ الأنسولين على البشر. وكانَ أولَ مَنْ تلقَّى الأنسولين مراهقٌ على حافةِ الموتِ يبلغُ عمرُهُ أربعةَ عشَرَ عامًا ويعاني من مضاعفاتِ مرضِ السكرى. حقنَ بانتينج الشابَّ "ليونارد ثامبسون" بالأنسولين؛ وبعدَ نصفِ ساعةٍ فقط بدأتْ مستوياتُ السكرِ في الانخفاضِ؛ إلا أنَّ المراهقَ عانى من الحساسية. أوقفَ بانتينج التجربةَ وأخبرَ "ماكلويد" بالأمر.

طلبَ "ماكلويد" مُهلةً للتفكير. استدعى خلالَها الصيدليَّ "جيمس كوليب" وأخبرَهُ بضرورةِ تنقيةِ الأنسولين. وبعدَ اثني عشَرَ يومًا ذاقَ فيها "كوليب" بالكادِ النوم؛ تمكَّنَ منْ تنقيةِ الهرمونِ بشكلٍ جيد.

استأنفَ "بانتينج" علاجَ "ثامبسون". ليُكتبَ للشابِّ النجاة. وتُكتبَ معَها الحياةُ لملايينٍ حولَ العالمِ تلقَّوا -ولا يزالونَ- العلاجَ بالأنسولين.

في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثلاثةٍ وعشرين؛ مُنحتِ الجائزةُ لكلٍّ من "بانتينج" و"ماكلويد". قررَ الأولُ تقاسُمَ القيمةِ الماليةِ لجائزتِهِ معَ مساعدِهِ "بيست" تقديرًا لجهودِهِ؛ كما أعلنَ في كلِّ وسائلِ الإعلامِ أنه لولا جهودُ المساعدِ ما توصَّلَ إلى العلاجِ. أما الثاني فقدْ قررَ تقاسُمَ الجائزةِ معَ الصيدليِّ "كوليب". الذي أسهَمَ بشكلٍ كبيرٍ في تنقيةِ الهرمون. كانتْ تلكَ هيَ جائزةَ نوبل الأولى التي يتقاسمُها أربعةُ أشخاص، لكنْ بصورةٍ غيرِ رسمية.


بانتينج وماكلويد السكري


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


موضوع مميز، ويثير فينا الحماس،ويدعونا للاستفادة من الأخرين، تحياتي