رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (223)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
01/11/2024 القراءات: 209
-أحاديث شدّاد:
رأيتُ في النوم رجلًا يسأل: كم روى الصحابي شداد بن أوس من الأحاديث؟ فقلتُ: لا يحضرني العدد، ولكني أدلك على كتابٍ ذكر هذا وهو «تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير» لابن الجوزي. وحين استيقظتُ راجعتُ الكتاب وإذا فيه (ص: 265): «شَدَّاد بن أَوْس: خَمْسُونَ». ولم أكن ذكرتُ شدادًا رضي الله عنه قبل النوم، ولا الكتاب المذكور ولا أذكر هذه المعلومة فيه. وبهذه المناسبة قرأتُ أحاديثه بحثًا عن مناسبةٍ للرؤيا.
***
-الاختيارات المرضية:
لابن طولون كتاب بعنوان: "الاختيارات المرضية في أخبار التقي بن تيمية"، ذكره لنفسه في كتابه "الفلك المشحون" (ص: 74). هل وقف أحدٌ عليه؟
***
-لا يسع غيره:
سمعتُ من المشايخ قولهم: رمضان ظرف لا يسع غيره. ورأيتُ الجملة في «حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات» (2/ 207)، وهي جملةٌ مفيدةٌ جدًّا في معرفة حقيقة الأوقات، واغتنام اللحظات، وأهمية المبادرات.
***
-جديد الكتب:
"الصِّلة في قول التِّرمذي وفي الحديثِ قِصَّة": جزء مفرد يضم تخريج (32) موضعًا من سنن الترمذي، وستة مواضع من كتابه "الشمائل المحمدية" التي اختصر فيها الترمذي الأحاديث بقوله: «وفي الحديث قصة»، تأليف: د. يوسف شبير البريطاني. صدر عن مكتبة إسماعيل في بريطانيا.
***
-جحا وحرب النجوم:
هذا مقالٌ للأستاذ عوض بن حاسوم الدرمكي أردتُّ أن أنقل منه جُملًا ثم رأيتُ أن أسوقه كاملًا لأهميته، وقد نشرتْه جريدةُ البيان الدبوية يوم السبت (26/ 10/ 2024م):
"يُروى أن جحا جمع الناس وهو ينادي فيهم، فلما التفتْ مِن حوله الحشود صاح قائلًا: «هل تعرفون ماذا أريد أن أقول لكم؟»، تصايح الناس: لا! حينها عبث بلحيته قليلًا ثم قال: «ما دمتم لا تعرفون، فلا فائدة أن أتحدث لمن لا يعرف»، ثم رحل عنهم، بعد أيام نادى فيهم، ليجتمعوا من جديد، ثم سألهم ذات السؤال فأجابوه هذه المرة بـ«نعم» حتى يقطعوا عليه الحجة السابقة، فعبث مِن جديد بلحيته ثم قال: «ما دمتم تعرفون، فلا فائدة من تكرار ما تعرفون أصلًا»، ثم رحل وقد استبدّ بهم الغضبُ، لذا عندما ناداهم في المرة التالية حاولوا اغلاق طريق الحُجَج عليه، فبعضهم أجاب بنعم، وبعضهم أجاب بلا، هذه المرة عبث جحا طويلًا بلحيته قبل أن يقول لهم بلسانٍ ماكرٍ: «ما دام الأمر كذلك، فمَن يعلم يخبر مَن لا يعلم»، ثم رحل!
أشدُّ ما يُزعج الإنسانَ تذاكي متفلسفٍ في غير أوانه مما يضيعُ معه الوقتُ الثمينُ، ويكون أكثر سوءًا عندما يوجه ذاك التذاكي لنشر السلبية والإحباط في النفوس، باختلاق مشاكل غير موجودة، والتشغيب لصرف النظر عن حجم ومكان المشكلة التي تحتاج للحل، إما بسوء نية، وإما بنية لا أقول حسنة، ولكنها تحاولُ ادعاء العبقرية، وسبق الآخرين في رؤية ما لا يرون!
يخرج علينا سلبي مُتذاكٍ ليقول: إن المسلمين لا يعرفون التفكير بالمستقبل، لذلك هم يتباكون على الماضي الذي كانوا فيها سادة الدنيا، ثم يطرح سؤالًا يتصنع فيه الإتيان بما لم يأتِ به السابقون وهو يقول: «هل رأيتم العرب والمسلمين قد أنتجوا فيلمًا عن الخيال العلمي مثل حرب النجوم؟ لا بالطبع، لأنهم لا يعرفون التفكير بالمستقبل»، ويعلو له تصفيق جمهور، الله وحده يعلم مِن أي مستوى فكري هو. إن من يريد اختزال أزمة العرب والمسلمين في قضية مسلسل مستقبلي لا يجدر به أن يُنظِّر ويتهكم، فمَن لا يعرف المشكلة تحديدًا لن يستطيع حلَّها، فالأحولُ يرى الطريق الواحد طريقين، والباحثُ عن التصفيق ليس كالباحث عن الحلول، ومَن يكتفي بقشور المسببات ليس كمَن يجتهد ببحثه عن جذور الأسباب.
فيما يتعلق بحرب النجوم فإنَّ جورج لوكاس أخرج أول جزء عام 1977، تقريبًا قبل نصف قرن من الزمن، فهل رأينا مركبات الفضاء التي تخترق الكون، وتحمل البشر بين المجرات بسرعة خاطفة؟ هي صناعة سينما، وتقنيات ووفرة كتّاب مبدعين، فحتى في الشق التاريخي لم نستطع إنتاج أشياء مشابهة لـ Gladiator أو Brave Heart، فهل يعني هذا أننا فاشلون حتى في العودة للماضي!
إنَّ مشكلتنا الكبرى هي أننا منذ خرجنا من الحياة القائمة على العلم والدين «الداعم له» أضعنا الطريق. كانت ثمة مدارسُ مثلتْ وجهة الدنيا في العالم الإسلامي، ومكتباتٌ كبيرة بلغت إحداها -وهي مكتبة أنطاكية- قرابة ثلاثة ملايين كتاب. هذا يدل على فورة العلوم، ووفرة الإنتاج الكتابي في تلك الميادين والتي سرقها الصليبيون، وأحرقوا قسم المصاحف بالكامل. كانت ثمة مساجد كادت كلُّ سارية أنْ يستند إليها عالمٌ ينثر النور، الذي تنزل به الوحي في توازنٍ بديعٍ بين بناء الإنسان وبناء محيطه. منذ ذلك الوقت ونحن نتخبطُ خبط عشواء، ويبحث بعضُنا عن طريقٍ مختصرٍ فلا يجد، ويسعى البعضُ الآخر للقفز فيسقط مِن جديد، ويحاول البعضُ الآخرُ حرقَ المراحل، ليلحق بالقوم فلا ترحمه نواميس الكون، التي لا تعترف بالكسالى أو المتهورين.
نعم هناك دولٌ عربيةٌ «معدودة» تحاولُ جاهدة اللحاق بدول النخبة، وتقومُ بجهود جبارة لكي تصل، ويبدو النتاجُ واضحًا بشكلٍ معقولٍ، لكن ممّا تعلمناه مِن علم الإدارة: أن التغيرَ إذا كان في خارج المؤسسة أسرع مِن التغيّر الحادث داخلها فإنَّ نهاية المؤسسة ليستْ بعيدة، ودول النخبة لا تتوقف عن تطوير أساليبها وتقنياتها بشكل محموم، واللحاقُ بها يستلزم أن يكون ذاك الجهدُ المحمومُ لدينا أضعاف ما لديهم، حتى لا يبتعدوا أكثر، دون مجاملةٍ للنفس نحنُ في غنى عنها، فلا تصفقْ لنفسك إلا عندما ترتقي القمة، أمّا قبل ذلك فأنتَ تحتاجُ لتفكيرٍ مختلفٍ، وجهدٍ هائلٍ، وصوتِ مقيّمٍ صادقٍ.
مَن يجتهد سيصلُ حتمًا، ومَن يفكر بطريقةٍ مختلفةٍ مبدعةٍ سيحصدُ نتاجه كما يتمنى. المهمُّ أن يُزاح من الطريق المتفلسفون كجحا، والمثبطون الفاشلون أمثال صاحب حرب النجوم، فمَن لا يعينك ساعدُه، ومَن لا يشحذ همتَك صوتُه لا يجدرُ به أن يكونَ بجانبك إنْ أردتَّ أن تذهب بعيدًا في طموحاتك".
***
-ادّعاء الطلاق عند القاضي:
جاء في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (3 / 264): " ولو أَقرَّ بِالطّلاقِ وهُوَ كاذِبٌ وَقَعَ في القضاء". انتهـى.
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة