الخطاب الالهي المباشر للمؤمنين الحلقة السادسة التوكل
د حازم الشيخ الراوي | D.HAZIM AL SHEIKH ALRAWI
03/11/2021 القراءات: 2004
ربط الله تعالى بين الايمان والتوكل بعدد من الآيات ومنها قوله تعالى في الآية 160 من سورة آل عمران (ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
وجاء التوكل في الآية 11 من سورة المائدة، وهي احدى آيات الخطاب الآلهي المباشر للمؤمنين بقوله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). والتوكل هو الثقة المطلقة بالله وحُسن الظن به وتفويض الأمر له سبحانه للقناعة التامة بأنه هو الذي سيحقق الخير للعبد عندما يوكل الأمر له سبحانه، والتوكل على الله هو الاستسلامُ الكامل لأمرهِ، فهو عز وجل الأعظم والأقدر في هذا التوكيل.
ومن يتوكل على الله يشعر براحة البال وهدوء الحال وطمأنينة القلب حيث يتيقن المؤمن أن التوكل يضمن له مجابهة كل الصعاب والتحديات التي تعتريه، بشرط أن يكون التوكل على الله وحده عز وجل دون غيره. كما في قوله تعالى في الآية 3 من سورة الأحزاب (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا).
والتوكل على الله دليلُ صحةِ إيمان العبدِ وصلاح قلبهِ، وهو اعتراف العبد الكامل بربوبية الله، وتسليمه كل أموره للخالقِ الواحد، فالأمر كله بيد الله تعالى.
والتوكل على الله واحدا من أهم العبادات باعتباره يمثل أعلى درجات التوحيد، وهو واجب شرعي على كل مؤمن، بل هو تجسيد لإيمان العبد. ولأهميته البالغة فقد أمر به سبحانه وكرر الأمر في آيات عديدة بقوله (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) في كل من الآيتين 122 و160 من سورة آل عمران وفي الآيات 11 من سورة المائدة و51 من سورة التوبة و11 من سورة ابراهيم و10 من سورة المجادلة و13 من سورة التغابن.
ولعل أعظم جائزة يحققها المؤمن الذي يتوكل على الله هو كسب رضا الله ومحبته ، فهل هناك نعمة افضل من هذه النعمة ، قال تعالى بالآية 159 من سورة آل عمران (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) ، بل أن الله وعد من يتوكل عليه بالجنة كما في قوله تعالى في الآيتين 58 و59 من سورة العنكبوت (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ*الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
والتوكل يكون في امور الدنيا والدين، فيوكل المرء أمره الى الله في الحصول على خير الدنيا، سواء في الرزق أو الشفاء أو الزواج أو الذرية أو دفع المصائب، أو التوكل على الله لتعزيز الايمان والالتزام بأحكام الشريعة لضمان الجنة. وفي جميع الأحوال لا يصح التوكل على الله عندما يرتكب العبد الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله عز وجل، وهذا الأمر يتوافق مع قوله تعالى في الآية 58 من سورة الفرقان (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا).
وينبغي للعبد المؤمن ألا يركن الى التوكل على الله تعالى دون أن يأخذ بالأسباب، فعليه أن يتخذ كافة الاجراءات اللازمة لنيل مطلبه، ومن ثم يتوكل على الله. وهكذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي معركة الخندق اتخذ القرار بحفر الخندق ووزع القوات بما يتطلبه الدفاع عن المدينة المنورة، وتوكل على الله. كما يجب على العبد المؤمن أن يتيقن عندما يتوكل على الله بأن ما قدره الله له هو الخيار الاسلم له حتى لو كانت الامور التي يريدها المؤمن هي على النقيض مما كان يرغب أو يطلب كما في قوله تعالى في الآية 51 من سورة التوبة (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
المؤمنون .. العقيدة ..
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة