مدونة .. أ. د. خالد عبد القادر منصور التومي


الضمير بين التشكيل والموت

أ.د. خالد عبد القادر منصور التومي | Prof. Dr. Khaled A. Mansur Tumi


07/02/2023 القراءات: 1477  


الضمير ..

بقلم: أ.د. خالد عبدالقادر منصور التومي،

يُعرّف الضمير؛ بأنه مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تسيطر أو تتحكم في أعمال الشخص وأفكاره، وهو يشمل الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الشخص أو دوافعه، وهو ما يدفعه للقيام بالعمل الصّحيح دون الخطأ، وهو إحساس أخلاقي داخلي عند الإنسان، تُبنى عليه تصرفاته،

إذ يُحدد الضمير درجة نزاهة وأمانة الإنسان من عدمه، وشعوره بالسلام الداخلي نتيجة نقاء سريرته،

بهذا يكون عبارة عن؛ العملية المعرفية التي تُثير الارتباطات الشعورية والعقلانية بالاستناد إلى الفلسفة الأخلاقية للفرد أو نظام قيمه المكتسبة أو المثأترة بمن حوله، إذ يتعاكس الضمير مع الشعور أو الفكر المثار نتيجة الارتباطات القائمة على الإدراك الحسي الفوري والاستجابات الانعكاسية، مثال ذلك؛ استجابات الجهاز العصبي المركزي الودي. بعبارات عامة،

كما يُوصف الضمير غالبًا؛ بأنه ما يؤدي إلى مشاعر الندم عند ارتكاب الفرد لسلوك متعارض مع قيمه الأخلاقية "الأصيلة"، هنا تُعتبر قدرة الضمير على نقل الحكم الأخلاقي السابق للفعل بالإضافة إلى إمكانية أو وجوب اعتبار الأحكام الأخلاقية قائمة على العقل محط جدل عبر التاريخ الحديث بين نظريات الأساسيات في أخلاقيات الحياة البشرية بمحاذاة نظريات أخرى،

كيف يتشكل الضمير ..
يتشكل الضمير عند الإنسان من خلال القيم الموجودة على مدار التاريخ البشري، مثال ذلك: الصواب والخطأ، والخير والشر، والصدق والكذب، والثقة والخيانة، والعدل والظلم، إذ يُمكن لهذه القيم أن تتشكل من خلال بيئة الإنسان التي يعيش بها، أو البيئة التي أحاطت به خلال مرحلة أو فترة فعله؛ حيث يتأثر ضمير الإنسان بالبيئة التي تحتويه لفترة زمنية مُحددة من شأنها أن تُؤثر على سلوكه وتصرفه، وكلما اقترب داخل الإنسان من الضمير أصبح لديه تصورًا أعلى لهذه المفاهيم،
إذ يُحدد الضمير درجة نزاهة الفرد، وهو أعلى سلطة في الفرد؛ فهو يقيّم المعلومات التي يتلقاها الإنسان ممن حوله، ثم يُحدد طبيعة التصرف إن كان خيرًا أو شر، وأيضًا إذا ما كان تصرفه صوابًا أو خطأ،

الفرق بين الضمير والإدراك ..
يتم الخلط عادةً بين المصطلحين "الضمير والإدراك"، والتي يُساء فهمها من قِبل العديد من النّاس؛ فالإدراك هو وظيفة من وظائف العقل؛ حيث يتلقى العقل المعلومات ويعالجها، ثم يخزنها أو يرفضها، ويتم ذلك بمساعدة عدة عناصر وهي: الحواس الخمسة، وقدرة العقل على التفكير، والذاكرة، والخيال، والعاطفة؛ حيث تنقل الحواس الخمس المعلومات إلى العقل، والذي يحكّم هذه المعلومات بدوره، ويعالجها من قِبل الخيال والعاطفة، لتُخزن الذاكرة هذه المعلومات أو تمحها،
والجدير بالذكر أنّه؛ كلما زادت المعلومات التي تُمكن الإنسان من جمعها ومعالجتها، أصبح الإدراك والوعي لديه أكبر، ويختلف الإدرك عن الضمير في آلية عمله؛ حيث تُعد آلية عمل الإدراك معقدة جدًا مقارنة مع آلية عمل الضمير، والتي هي أبسط بكثير، وقد تم اختبار الإدراك في جوانب عديدة، مثال ذلك: الفلسفة، والطب النفسي، والفسيولوجيا، والمرونة العصبية، إلا أن جانبًا كبيرًا من الضمير لا يزال مجهولاً حتى الآن،

كيف يموت الضمير ..
حينما يموت الضمير، تموت معهُ الكثير من الأشياء، وتصبح بلا لون أو معنى ومُباحةٍ؛ فيُصبح معها الإنسان مُجرد هيكل جامد، فارغ، صداهُ في داخلهِ فقط! موت الضمير مُشكلةٌ هو، يُعانى منها من تطالهُ خيوط الأفكار المسمومة الممزوجة بازدواجية السلوك، ومُشكلة أكبر يصبح حينما يتعارض مع قيم الحياة والأخلاق والإنسانية بشكل لافت للنظر،

ختامًا ..
الضمير؛ هو ذلك الجزء من النفس الإنسانية الذي يُحرك الألم النفسي والشعور بالذنب عندما ننتهكهُ، ومشاعر السرور والرضا عندما تتفق أفعالنا وأفكارنا وكلماتنا مع نظام القيم الخاص بنا .. بمعنى .. إن الوعي الأخلاقي أو الإدراك الأخلاقي "الضمير" يصدر عنه رد فعل عندما تكون أفعال الإنسان أن أفكاره أو كلماته متوافقة مع أو على النقيض من مباديء الصواب والخطأ، وهنا الميزان الذي يُقاس به كل فعل وقول،
والقرآن الكريم يُشير إلى هذا الضمير في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ؛ صدق الله العظيم


الضمير، كيف يتشكل الضمير، الفرق بين الضمير والإدراك، كيف يموت الضمير،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع