مدونة خالد حمادي


السيمولاكر...النسخة الأصلية لهويتنا الرقمية في عصر الميتافيرس

خالد حمادي | Khaled Hammadi


06/12/2021 القراءات: 1686  



... إن الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام الجماهيري ليست صورة بريئة، رغم كونها تلبس رداء البراءة والاعتيادية، إنها لا تحيل إلا على ذاتها، فهي تصنع، تخطط وتبرمج... هذا النقل يجيش الجمهور وينمط وجوده على نمط الوجود وينسلخ منه الوجود في الذات، فكل فرد لا يحيل على ذاته طالما أن وجوده انسحق في النحن الميتافيزيقي، أو الغير متعين، إنه كل واحد ولا أحد بعينه.. إنه بعبارة أخرى يسلب الكينونة الذاتية لتنكشف ذاته الجماعية. هنا تنجح الصورة على خلق الأشباه والنظائر والنسخ وإعادة النسخ كي تروضهم على نمط من الاستجابات العاطفية والحركية والانفعالية والقيمية، ليدخلوا عالم الاستهلاك من بابه الواسع. إن الوجود هنا يتقلص إذن إلى حدث تاريخي أصيل. إن الصور التي تخلقها الميديا قد يظن أنها تحاكي الواقع، بل هي تصنع الواقع لأننا لا ندرك الواقع ولا نتعرف عليه إلا من خلالها”. لقد أصبح الواقع صورة شاحبة من الصورة، إن الصورة هي الأساس وليس الواقع، والصورة أصبحت تسبق الواقع وتمهد له، الصورة تحدث أولا ثم تحدث المحاكاة لها في الواقع..”. هنا تتقلص المسافة بين الواقعي واللاواقعي، حيث يغدو اللاواقعي هو الأصل وهذا الأصل ينسخ إلى ما لا نهاية على شاكلة المرايا المتقابلة. إنه يعرفنا كيف نعيش وكيف نحب ونكره، ينحت تفاصيل حياتنا بكل دقة لأنها تعنيه، فهي ملك له وليس لنا. إنه يحررنا من ثقل ذاتنا المملة ليرمي بنا في ذات الجماعة بل الإنسان ذي البعد الواحد... السيمولاكر هو الصورة التافهة في مقابل الحقيقة الفعلية، ثم يعني تمثيل شيء ما من حيث إن هذا الشيء يفوض أمره لآخر، من حيث إنه يتجلى ويتوارى، ثم يعني القدوم والظهور المتآني للذات والآخر . ويعد مفهوم السيمولاكر Simulacreأحد المفاهيم التي ارتبطت بعصر ما بعد الحداثة، حيث تناوله بالدراسة والتحليل مجموعة من فلاسفة ذلك العصر وبالأخص جيل دولوز، جان بودريار، وميشيل فوكو، فقد وضع مفهوم السيمولاكر في خطاب طويل ومعقد طوال تاريخ الفلسفة وبلغ (وصل ذروته) مع طليعة الفكر النظري في الجزء الأخير من القرن العشرين في أعمال المنظرين حيث تضمنت كتاباتهم آراء مختلفة حول مفهوم السيمولاكر الذى بدا خفياً، والأكثر ارتباطاً بعصر ما بعد الحداثة. هو إذن عالم تغدو فيه الهوية تكرارا، والنسخة أصلا، عالم “القدوم المتآني للذات والآخر”، عالم لا يمكن للهوية أن “تعرف” فيه إلا بملاحقة النظائر، عالم ينتفي فيه الأصل والنسخة معا ليفسحا المجال لدينامية الاستنساخ اللامتناهية التي يغدو فيها العالم “ومضات لا تنتهي يحتجب فيها، في إشراقة اللف و الدوران، غياب الأصل. عالم السيمولاكر إذن عالم الحقيقة، ولا حتى الحقائق، ولا هو عالم الهويات المحددة. إنه عالم لا تضمه وحدة، عالم بدون صورة نموذجية. إنه ليس عالم التشابه، وإنما عالم الشبهة والاشتباه، عالم لا حضور فيه للشيء إلا بنظائره وبدائله، عالم لا وجود فيه للشيء إلا في عودته من حيث هو نسخة من نسخ لا متناهية. ‏يُقدّم الميتافيرس المعزز إذن البديل المتخيّل عن ‎واقع ثقيل ومغاير تماما، أي مساحة وهروب من الواقع نحو بديل آخر متخيّل نستكمل فيه أو نستعيض من خلاله كلّياً الجانب المؤلم أو الجميل في واقعنا المعيش بعالم متخيل ومتصنع التكنولوجيا والانتقال من الواقعي إلى السيمولاكر. المراجع الخاصة بالمقال: 1- https://m.ahewar.org/s.asp?aid=525741&r=0 2-https://search.mandumah.com/Recor1068288 3-https://www.google.com/amp/s/alantologia.com/blogs/3378/%3famp=1 4- https://t.co/b4BkymLrVY‎ 5-http://bayanealyaoume.press.ma/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%87%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%85%D9%88/.html


السيمولاكر - الميتافيرس - الهوية - الرقمي - النسخة - الذكاء الإصطناعى


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع