اللغة العربية وسؤال الحضارة..-2
د. رجاء بنحيدا | Rajae benhida
19/12/2020 القراءات: 4186
..
ومن يدعي أن اللغة العربية قاصرة أمام تحديات مجتمع المعرفة ، وتقنية المعلومات ، فهو لم ولن يستوعب أن المشكل الأساس يكمن في المشاريع الإصلاحية المبرمجة التي تسعى إلى تطوير اللغة ، يكمن في طريقة تدبير هذه المشاريع وفي خلل وضع سياسة لغوية واضحة في مجال إصلاح الأداء اللغوي...
هو خلل نؤدي ضريبته اليوم أمام صعوبة مواكبة هذه التطورات، باستراتيجية لغوية محددة ومعلنة ...
خلل يتفاقم يوما بعد بوم ونحن نشاهد هذا السجال الحاد بين أزعومتين
تحاولا الإجهاز على لغتنا .. ووطنيتنا وعروبتنا.
الأزعومة الأولى تهتف بتخلف اللغة العربية وعجزها عن مجاراة و مواكبة اللغات العالمية في الاصطلاح والتعبير " فهي لغة لاتملك منطقا للتعامل كما أشار إلى ذلك والعالم الأمريكي " لافين " في كتابه " الفكر العربي the Arabe mind-حين انتهى ألى القول : " إن علينا عندما نتعامل أو نتحدث مع العربي بالصبر ، علينا أن نستمع ، وعقب أن بنتهي العربي من كلامه أن نعيد تركيب ماقاله لنستطيع أن نفهم ماقال " ص194
هو ادعاء فيه نوع من التحيز والتشويه... غرضهم واضح وحججهم ضعيفة لا ترقى إلى المنطق
هي أزعومة تنادي بالتخلص منها في الإدارة والتدريس والاستعاضة عنها بالعامية أو اللغات الأجنبية ..
الأطروحة الثانية ترى أن لغتنا ضعيفة عقيمة لن تستطيع مواكبة مجال العلوم والتقنيات ..فهي لا تليق بالتكوين العلمي .. وغير جاهزة لاستخدامها في التلقين ..
إذا ، اللغة العربية تعرف مأزق الإطاحة بها وهجوما عليها من طرف اللغات الأجنبية ومن طرف اللهجات العامية التي تحاول اكتساح مجالها الحيوي وقلبها النابض وهو موطن المؤسسات التعليمية في سبيل وضع نهاية .. لأمة عربية ((وإن كانت غير موحدة)) .
أي مأزق هذا ، ولغتنا تشهد انفصاما بين أدوات المنظومة التربوية وشروط النهضة الحضارية !
أي مأزق هذا ، ولغتنا تشهد حملات كيد منظمة مستمرة ومتعددة المصادر ، تهدف إلى نبذها وإحلال اللغات الأجنبية والعامية محلها. !
أي مأزق هذا ، ونحن نعيش تسيبا لغويا في غياب قرار سياسي واضح وصريح !
أي مأزق هذا ، واأصوات تنتصر للعامية على اللغة الفصيحة !
وأي عامية وهي غير موحدة ولا موحدة ، وإنما هي لهجات محلية محكية ، لا يكاد يحصيها عد ، تتغير وتتبدل من قطر إلى آخر ، بل من مدينة إلى مدينة، ومن وقت لآخر "
الأفغاني : من حاضر اللغة العربيةص 129
وهل بهذه العامية نرتقي إلى سلم الحضارة أم سنهوي إلى درك الانحطاط والتشتت!
طبعا لا مسلك إلى الحضارة قي غياب لغة فصحى
إن ما نحتاجه و تحتاجه لغتنا العربية اليوم ، هو ذاك التدبير العصري المتين للتخطيط اللغوي ، بإنشاء مجمع لغوي موحد، وسَنِّ سياسات لغوية وطنية تُنَاسِب حاجات التنمية الاجتماعية، والتقدم العلمي والمعرفي، وتصون كيان الثقافة العربية من التبديد كما تحصن اللغة العربية وتفرضها إلى جانب اللغات الأخرى في المحافل والملتقيات الدولية والجهوية . ومع إقامة وأكادِيميات خاصة، وأقسام للغة العربية في كل الجامعات، والتعريب الجزئي للتعليم والإدارة…،
وفي الختام أقتبس ماقاله أبو منصور الثعالبي " إن من أحب الله أحبه رسوله المصطفى ، ومن أحب النبي العربي أحب العرب ، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها " فقه اللغة وسر العربية ص ٢
ربما بهذا الاعتناء والحب للغتنا نستطيع الانطلاق من حديد ، لتصبح هي أداتنا للتحرر والتحدي .
تحد ٍ يجعل حجم القواميس والمجامع يستوعب كل الألفاظ الممكنة المتواضع عليها حتى لا تصبح نَشازا ، وتُعطى لها حق الإقامة .. وشرعية التداول فتحصل الكلمة .. على حرية الانتقال والتجوال وحق .. المواكبة وحق الاعتراف ؟!
حق ممارسة لغة حديثة ، في الأدب والفكر والصحافة تواكب التحول الثقافي .. وتفصل بين البعد الديني للعربية .. وبعدها البشري ..في سبيل وحدة لغوية تجمع كل المجتمعات العربية ..!
لغة.عربية.حضارة.هجوم ادعاء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
السلام عليكم ..اولا اود ان اشكركم على هذا المقال المميز واحببتان اضيف ان مجامع اللغات في العالم اعتبرو ان اللغة العربية هي من اقوى اللغات وستفرض نفسها كنت تمنيت انك اشرتي لها في مقالك او اضافة مقال يتحدث عن ذلك ..كل الشكر والتقدير ومزيدا من التقدم .
أشكرك الأستاذ الفاضل أمين بوحنيك ..على القراءة والدعم.. وعلى الملاحظة القيمة تقبل شكري وتقديري