لغة القرآن وتميزها على سائر لغات العالمين 2
د/فاطمة عبدالله | Dr. Fatma Abdallah
01/04/2021 القراءات: 1609
قد جاء القرآن الكريم مُعجزا بلغته العربية العذبة، الجزلة، اليسيرة، البلغية التي ليس لأهلها ولا لأهل البلاغة أن يأتوا بمثله فكان هذا إعجاز النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ولذا كان هذا القرآن معجزة ومُعجِزا في ذاته بلغته العربية الرصينة الجزلة الفريدة التراكبيب والعبارات والمعاني.
ونستكمل معا مبحث من أهم مباحث القرآن الكريم وهو لغته وتراكبيه وألفاظه وكيف كان إعجازه في بلاغته وفصاحته وإيجازه وأنه ليس بنظم ولا نثر وأنه يعلى ولا يعلى عليه مشرق أعلاه مغدق أسفله، مثمر له حلاوة وعليه طلاوة.
واللغة القرآنية وتمايزها بمعنى إنفراد تراكيبها وإعجازها وإيجازها ولطائفها اللغوية.
وهل للغة أن تصور أمورا غيبية بمعاني دقيقة وأن تبتكر تعبيرات رائعة في تشبيهات أحوال ونفوس البشر إلا لغة تأتى من عند إله غير بشري فكيف يأتي في تصور عقل بشري أو يرد في خاطره أن السمع أو الرعب يُلقى؟ (ألقى السمع )، (ألقى الله في قلوبهم الرعب) أو أن الصبح يتنفس (الصبح اذا تنفس) أو أن الليل يعسعس (والليل إذا عسعس)، أو أن النهار يتجلى والليل يغشى (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) أو أن البحر ينفلق كالأشياء (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)أو أن القمر ينشق(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) فكيف لعقل أن يتخيل هذا ويعبر عنه بتراكيب جديدة مبتكرة فريدة إلا أن تكون لغة معجزة لغة قرآنية من عند الله .
فهل يخطر على عقل أي بشر استخدام وتوظيف تلك تعبيرات والعبارات بهذا الشكل المعجز غير أنها لغة من عند إله علم فعرف فأخبر ثم ذكر وفصل وأشار بأبلغ صورا وتعبيرات وتشبيهات فأبدع سبحانه.
فلا القصص ذاتها تخطر على العقول ولا تستوعبها الأذهان خاصة وأنها قبل اختراع الآلآت وظهور الفضائيات ودخول عصور المعلوماتية والمعاصرة، ولا التعبيرعنها أيضا ولا بلاغة التشبية والتعبيرات فمن يأتي بخلده أن السمع والرعب يلقى وأن الصبح يتنفس وأن الشجر يسبح!
ومن عظمة اللغة القرآنية أنها لا بنظم ولاشعر وهو ما برع ونبغ فيه العرب. وبها بلاغة تآلف بين الكلمة ومعناها.
ومن جمال وتفرد اللغة القرآنية أن حتى الحروف المقطعة التي عجز عن تفسيرها الكثيرون أوردها الإمام الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" وأقر بأنها تمثل نصف عدد وسمات وصفات ومخارج حروف اللغة العربية كلها فهل هناك إعجاز قرآني وبياني ولغوي أكثر من هذا في لغة القرآن الكريم وتميزها الفريد.
ومن عظم أثر القرآن الكريم عظم اللغة الني نزل بها وساجل بها أقواما كانت هذه مهارتهم و نبوغهم فقالوا بأنفسهم هذا ليس بكلام مخلوق بالفعل فهو كلام رب الملوك وملك كلام العرب.
وتتميز اللغة القرأنية بثراء كلماتها وتعدد أصواتها فتجد الحروف والأصوات في اللغة عربية طويلة بحيث يمكن أن تمدها فيتسع نفسك فهناك كلمات طويلة مثل أطول كلمة في القرآن "فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ" في سورة الحجر بل من إعجازها أنها تتكون من 11 حرف وهى الكلمة رقم 11التى تنتهي بحرف الهاء من كلمات السورة ومنها نشتق أطول كلمة في اللغة العربية تصريفا واشتقاقا ( فأسقيناكموهما) وتسلتزم بالطبع طولا في النفس معتمداعلى مخارج الحروف وثراء مخارجها في اللغة العربية في حين أن بعض اللغات الأخرى لا تتميز بتلك الصفة فأصواتها قصيرة لذا تجد كلماتهم قصيرة كالصينية وغيرها مما يؤكد لك أن لهذه اللغة المعجزة ما ليس لغيرها من اللغات.
ومن هيبة اللغة القرآنية كان المشركون يتلذذون بسماعها فكان لها تأثيرا عجيبا على الأخرين حتى أن الأعرابي خر ساجدا حين سمع –كما ذكرنا- (اصدع بما تؤمر) من فصاحة هذا القول. وأخر شهد حين سمعها أن لا مخلوق يقدر على مثل هذا الكلام بل وصرح الوليد بن المغيرة حين سمعه بأن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة مغدق أسفله مشرق أعلاه يعلو ولا يعلى عليه وحين سمعه سعد بن معاذ قال"ما أحسن هذا الكلام". حتى حينما هاجمت المحنة الإمام الجليل أحمد بن حنبل حين قالوا له أن القرآن مخلوق من مخلوقات الله أصر وصمد على الحق وحده برغم سجنه وتعذيبه ثلاثة عشرعاما وتعاقب ثلاثة خلفاء على سجنه وأقر بأن القرآن كلام الله فكان الجماعة وحده وصار إمام أهل السنة والجماعة بدفاعه عن كلام الله.
ومن أهم مآخذ المباحث الحديثة المعاصرة حين دراستها للقرآن ومناحيه أنها تهتم بكل النواحي فيما عدا النواحي اللغوية والبلاغية فتهتم بالمعنى أو بالتشريع أو الحكم و العقيدة وتربأ عن دراسة الجماليات اللغوية.
فتجدهم قد نظروا في نواحي شتى للقرآن الكريم وغفلوا وأهملوا أهم منحى وهو الإعجاز في بلاغته.
فلابد لنا أن نعني ونتبه ونعتني باللغة العربية تعلما وفهما ومهارة وإجادة.
ونستكمل معا باقي اللطائف في الجزء الثالث بإذن الله
#فاطمة_عبدالله #موئليات
تدبر لغة قرآن علم لغة عربية فصحى الفصحى اللغة لغة القرآن اللغة القرآنية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة