مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (276)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


15/03/2025 القراءات: 152  


-خلِّص الدُّرر:
1-قال عبدالحميد بن عبدالمجيد الحاكمي (ت بعد: 514) في مقدمة تفسيره "تخليص الدرر" (1/ 46): "قد كنتُ فيما سلف من عمري، وعنفوان أمري، أتمنى وقوفي على كتابٍ ملخصٍ في معاني كلام الله جل ذكره لأجعله [عزة] لنفسي عقيب درسي، وأتخذه مؤنسًا في وحشتي، وصاحبًا في وحدتي...".
وقد علق الشيخُ المحققُ -وفقه الله- على ما جعلته بين المعقوفين بقوله: "كذا في الأصل".
قلتُ: ورجعتُ إلى المخطوط فرأيتُه: عزة. ولعل الصواب: عدة.
2-وجاء فيه (1/ 55): "العرب تقلب الألف واوًا، كما يقال: وشاح وَشاح، ووسادة وَسادة".
والصواب: "كما يقال: وشاح وَإشاح، ووسادة وَإسادة".
3-وجاء فيه (1/ 55): "بلغنا أن إبليس لعنه الله رنَّ ثلاث رناتٍ... والثانية: حين وُلد عيسى من عُـزَّاب".
والصواب: وُلد عيسى مِنْ غيرِ أبٍ.
صحّحَ هذين التحريفين الأستاذة الدكتورة نوال سلطان الحَموية وفقها الله تعالى.
4-وجاء فيه (2/ 45): "وإنما وُصف التكبير بغير حق لأنّ تكبر المؤمن على الكافر لكفره حق...".
والصواب: وُصف التكبر.
***
-وصية مهمة لطلاب العلم:
قال القاضي برهان الدين إبراهيم بن عبدالرحيم ابن جماعة الشافعي (ت: 790) في كتابه "استقبال القبلتين" (ص: 36 - 37): "المُتعين على كل مَنْ طلب العلم وأرادَه، أن لا يسلم لغير أهله قيادَه، بل عليه أن لا يأخذ الماء إلا مِن مجاريه، ولا يطلب العلم إلا مِن معدنه وصاحبُ البيت أدرى بالذي فيه، والبيوتُ إنما تُدخل من أبوابها، وأهل مكة أخبرُ بشعابها، والله تعالى يجعلنا ممَّن تميَّز له حقُّ العلم مِن باطله، وأُلهم الإكثار مِن قول: لا أدري، فمَن أخطأها أُصيبَ في مقاتله".
***
-القرآن:
أورد الشيخ شبلي النعماني في مقدمة كتابه "إسكات المعتدي على إنصات المقتدي" (ت: 26) هذه الأبيات:
"وهل ذاك إلا موعظاتٌ ورحمةٌ ... ونورُ هدى للعالمين مسائلُه
وقد جاء يهدي للتي هي أقومُ ... ويغنيك عمّا كنتَ دهرًا تداولُه
لعمرك طلٌّ منه يشفي غليلهم ... فكيف إذا ما جاد للناس وابلُه".
وما أحرى هذه الأبيات أن تكون في القرآن.
***
-لغز:
يا فاضلًا قد فك إقليدسًا … لم يخط في شكل منَ اشكالِهْ
اسمع مقالًا حار ذو اللب في … إيضاح معناه وإشكالِهْ
فأي شيء عشرُه نصفُه … ونصفُه تسعةُ أمثالِهْ
فليس يخفى ذاك عن حاسبٍ … قد شهد الله بأفعالِهْ
[في المصدر: على حاسب. خطأ]
الجواب:
هو القرآن العظيم، مِن (قد سمع الله) سبع وخمسون سورة فهي نصفه، وهي ستة أحزاب فهي عشره.
مِن غاشية مخطوطة "المسائل الدورية ومسائل الدور". انظر المطبوع (ص: 18).
وقارنْ بما جاء في «الوافي بالوفيات» (21/ 208).
***
-تذكرة الغافل:
هذه قصيدة أوردها ابن الجوزي في كتابه "النور في فضائل الأيام والشهور":
ألا يا غافلًا يُحصى عليه ... من العمل الصغيرةُ والكبيرهْ
يُصاح به ويُنْذَرُ كلَّ يوم ... وقد أنستْهُ غفلتُهُ مصيرَهْ
تأهبْ للرحيل فقد تدانا ... وأنذرَك الرحيلَ أخٌ وجيرهْ
وأنتَ رخيُّ بال في غرورٍ ... كأنْ لم تقترف فيها صغيرهْ
وكم ذنبٍ أتيتَ على بصيره ... وعينُك بالذي تأتي قريرهْ
تُحاذِرُ أَنْ تراكَ هناك عينٌ ... وإنَّ عليك لَلعين البصيرهْ
وكم حاولتَ مِنْ أمرٍ عظيم ... مُنِعتَ برحمة منه وخيرهْ
وكم مِنْ مَدْخَلٍ لو متَّ فيه ... لكنتَ به نكالًا في العشيرهْ
وُقِيتَ السوءَ والمكروهَ فيه ... ورحتَ بنعمة فيها ستيرهْ
وكم مِنْ نعمةٍ لله تمسي ... وتصبحُ ليس تعرفُها كثيرهْ
***
-أمانة بالغة:
سُجن الإمام التابعي ابن سيرين في دَين، «وقال قريش بن أنس: حدثنا عبدالحميد بن عبدالله بن مسلم بن يسار أن السجّان قال لابن سيرين: إذا كان الليلُ فاذهبْ إلى أهلك، فإذا أصبحتَ فتعال، قال: لا والله لا أعينُك على خيانة السلطان». تاريخ الإسلام (3/ 155).
و«قال ابنُ عوف: لما مات أنس بن مالك أوصى أن يُصلي عليه ابنُ سيرين ويغسله، قال: وكان ابن سيرين محبوسًا، فأتوا الأمير -وهو رجل من بني أسد- فأذن له، فخرج فغسله، وكفنه، وصلى عليه في قصر أنسٍ بالطف ، ثم رجع فدخل كما ‌هو ‌إلى ‌السجن، ولم يذهب إلى أهله». وفيات الأعيان (4/ 182).
***
-النية المعلولة:
قال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص: 349-350):
«قد يلبسُ إبليس ‌على ‌الكاملين في العلوم، فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم فِي تصانيف العلوم، ويريهم إبليس أن المقصود نشر الدين، ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر، وعلو الصيت، والرياسة، وطلب الرحلة من الآفاق إِلَى المصنف.
وينكشفُ هذا التلبيس بأنه لو انتفع بمصنفاته الناسُ من غير تردد إِليه، أو قرئت على نظيره في العلم فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم، وقد قال بعضُ السلف: ما من علم علمته إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إلي.
ومنهم مَن يفرح بكثرة الأتباع، ويلبس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم، وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر.
وينكشفُ هذا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إِلى غيره ممن هو أعلم مِنْهُ ثقل ذلك عليه، وما هذه صفة المخلص فِي التعليم لأن مثل المخلصين مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى، فإِذا شُفي بعض المرضى على يد طبيب منهم فرح الآخر. وقد ذكرنا آنفًا حديث ابن أبي ليلى ونعيده بإسناد آخر: ...عن عبدالرَّحمن بن أبي ليلى قال: أدركت عشرين ومئة من أصحاب النبي صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم من الأنصار ما منهم رجل يسأل عَنْ شيء إلا ود أن أخاه كفاه ولا يحدث بحديث إلا ودَّ أن أخاه كفاه.
وقد يتخلص العلماء الكاملون من تلبيسات إبليس الظاهرة، فيأتيهم بخفيٍّ من تلبيسه بأن يقول لَه: ما لقيت مثلك ما أعرفك بمداخلي ومخارجي! فإن سكن إِلى هذا هلك بالعجب، وإن سلم من المساكنة له سلم، وقد قال السري السقطي: لو أن رجلًا دخل بستانًا فيه من جميع ما خلق اللَّه عز وجل من الأشجار، عليها من جميع ما خلق اللَّه تعالى من الأطيار، فخاطبه كل طائر بلغته وقال: السلام عليك يا ولي اللَّه، فسكنت نفسه إِلى ذلك كان في أيديها أسيرًا».
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع