مدونة ا.د / عبد السلام خالد


هل نحن مجتمعات تصوم خلال شهر رمضان ام تجوع؟

أ.د عبد السلام خالد | Pr: Abdeslam Khaled


10/05/2021 القراءات: 3121  


كل من يلاحظ طبيعة سلوكياتنا المسلمين كل سنة خلال شهر رمضان في مختلف الدول الإسلامية سيسجل مجموعة من الملاحظات الدالة اننا امة تجوع أكثر ما تصوم خلال شهر رمضان. فالصيام يعني ان يضبط الانسان شهوة الاكل والشراب بمحض ارادته ولا يتمالكه الجوع مهما طالت المدة، ومنها يقوم بإعادة النظر في حجم المواد الغذائية التي يتناولها يوميا فيقلل منها ويحسن في نوعيتها بما يطهر جسمه من كل السموم المتراكمة طيلة خلال عام كامل. لكن الجوع يعني استحضار ألم الجوع والعطش الناتجان عن غياب الطعام والشراب طيلة اليوم، مما يجعل تفكير الانسان واهتمامه منذ الصباح الباكر منصبا على أنواع الأطعمة والمشروبات التي يتخيل نفسه يتلذذ بها. وفي نفس الوقت تجد باله في لحظة الآذان متتبعا الوقت لحظة بلحظة ودقيقة بدقيقة، وهو ما يجعله متوترا وقلقا غير مستقر يصدق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: " ( رُبَّ صائمٍ حظُّهُ مِن صيامِهِ الجوعُ والعطَشُ، وربَّ قائمٍ حظُّهُ من قيامِهِ السَّهرُ". ومن السلوكيات الدالة على اننا نجوع ولا نصوم: اللهفة وراء أنواع المواد الغذائية. ـ قضاء غالبية الاوقات في الأسواق والمحلات التجارية. ـ الاقبال الكبير عن الحلويات والسكريات. ـ السهر ليلا والنوم نهارا حتى ساعات قبل الاذان. ـ الميل الى الكسل واستثقال العمل. ـ المبالغة في شراء وتكديس المواد الغذائية المختلفة. ـ تفشي التبذير في المواد الغذائية ورميها في النفايات. فلماذا نصوم اذن؟ إذا سلمنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذ يقول: صوموا تصحوا" واعتبرنا الصيام ركن من أركان الايمان واحد العبادات التي تقربنا الى الله، فإننا نكتشف ان حقيقة الصيام ليس له علاقة بالعادات التي توارثناها أبا عن جد، وليس له علاقة أيضا بما تسوقه وسائل الاعلام من خطابات وتصريحات للمسؤولين حول توفر واستيراد المواد الغذائية ومختلف اللحوم والمواد الأساسية على غير العادة كل شهر رمضان. ولا علاقة للصيام بحملات الدعاية والاشهار التي تمارسها الشركات والمؤسسات الاقتصادية المتنوعة لإغراء الناس ودفعهم إلى الاستهلاك الزائد، ولا بما تقدمه من مسرحيات تغذي ثقافة الاستهلاك لدى الناس حتى اعتقد لناس ان شهر رمضان هو شهر الأكل والشراب لما طاب ولذة على غير العادة المألوفة في الأشهر الاحدى عشرة الاخرى. وعليه فإن جوهر الصيام شيء آخر. يفترض ان المسلمين في شر رمضان يقتصدون أكثر ويقللون أكثر من تناول المأكولات الكثير من المأكولات الضارة بالصحة الجسمية والتي لها تؤثر هي الاخرى على المزاج الانسان ورشاقته وحيويته لا سيم السكريات والدهون. وتماشيا مع روح ومعنى الصيام عليه فأننا نصوم للأهداف الآتية: ـ الصيام في بعد الصحة الجسمية: نصوم من أجل تطهير أجسامنا من كل السموم التي ترسبت في الجسم خلال احدى عشرة شهرا. فالامتناع عن الاكل والشرب لمدة تتراوح بين 16 و18 ساعة يوميا لمدة شهر سيكون لها وقع كبير على مستوى نشاط الغدد بما تحدثه من توازن وتعديل وانعكاس كل ذلك على نشاط الخلايا وسلامتها الى جانب انعكاسها على الأجهزة العقلية والنفسية الأخرى من خلال النشاط الكيميائي للدماغ وباقي الأجهزة. ـ الصيام في بعد الصحة النفسية والوجدانية: نصوم من أجل تطهير قلوبنا من الأحقاد والكراهية والعداوات التي ترسبت خلال احدى عشرة شهرا نتيجة سوء التفهم والاخطاء وسيطرة الانا وضعف الوعي بالذات.. ـ الصيام في بعد الصحة العقلية: نصوم من أجل تطهير عقولنا من الأفكار السلبية اتجاه أنفسنا والآخرين واتجاه الحياة ومتطلباتها لعلنا نرقى بتفكيرنا الى فهم انفسنا وفهم غيرنا بشكل أحسن ونتخلص من التفسيرات السلبية المتوارثة للمواقف واحداث الحياة الضاغطة. ـ الصيام في بعد الصحة الاجتماعية: نصوم من اجل تطهير علاقاتنا الاجتماعية داخل الآسرة على ومستوى الحي، مع الجيران والزملاء في مكان العمل وفي كل مكان من كل الشوائب والتوترات والمناكفات لنستعيد حلاوة المحبة والتعاطف والاحترام التي افقدتها ردود الفعل الاندفاعية، وتصرفاتنا اللاواعية وامراض آناويتنا. ـ الصيام في بعده الروحي: نصوم من أجل التسامي الروحي لتجديد صلتنا بالله سبحانه وتعالى، ونستلهم الطاقة الإيجابية لعلنا نكتشف هويتنا الحقيقة بأن اصلنا الحقيقي هي نفخة الروح التي نفخها الله سبحانه وتعالى فينا والتي هي حقيقة وجوهر الحياة وعلى أساسها نسعد في الدنيا والأخرة. ومن خلال ذلك نكتشف انفسنا اننا بشر خلقنا من نفس واحدة لنتعارف وليس لنتعارك. وسنلحقه بمقال حول دور الصيام في تنمية الذكاء العاطفي.


مجتمعات ـ تصوم ـ تجوع ـ شهر رمضان.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع