مدونة د. سمير سليمان عبد الجمل


الاستبداد التنظيمي في المؤسسات العامة في فلسطين(واقعه وآثاره)

أ.د.سمير سليمان عبد الجمل | Prof. Dr. Sameer Suleiman Abed Aljamal


02/06/2019 القراءات: 3604  


الاستبداد التنظيمي في المؤسسات العامة في فلسطين.... (واقعه وآثاره).
بقلم دكتور: سمير سليمان الجمل
إن كلمة الاستبداد كلمة مقيتة على النفس البشرية في مضمونها ومعناها، فهي تشير إلى التصرف بصورة مطلقة، غير قابلة للاعتراض، وهي شكل من أشكال التعسف والتسلط، والتي تؤدي بالنهاية إلى الظلم وفرض الإرادة من دون مبرر، وفي موسوعة السياسة يعرف "الاستبداد" على أنه: "حكم أو نظام يستقل بالسلطة فيه فرد أو مجموعة من الأفراد دون خضوع لقانون أو قاعدة ودون النظر إلى رأس المحكومين"، أي أن المستبد يفعل ما يشاء دون مسؤولية، ودون رقيب أو عتيد، وحسب ما تقتضيه أهواؤه ومزاجه الشخصي.
إذا فخلاصة القول أن الاستبداد هي نوع من أنواع الدكتاتورية في الحكم، والتي يعقبها إجراءات وآليات وتعليمات وقرارات تحقق رغبات المستبد دون النظر إلى المحكومين أو المرؤوسين.
وإذا ما تم الأخذ بهذا التعريف جملة وتفصيلاً، نجد خلو المؤسسات العامة على اختلاف أشكالها من المستبدين، وهذا أمر غير واقعي، ذلك لأن كلمة "الاستبداد" هي عكس كلمة "العدل". فلاستبداد يؤدي إلى الظلم، والظلم مضاد للعدل. والواقع يشير إلى وجود درجات متفاوتة من العدالة في المؤسسات العامة، وهذا يقودنا إلى التسليم بوجد الاستبداد التنظيمي في المؤسسات العامة.
والحقيقة أن العدل في الأرض هو أمر نسبي وغير مطلقة، فالعدالة المطلقة في السماء ومن السماء، فالخالق سبحانه وتعالى هو العادل.
لكن هذا لا يعني أن على كل شخص وكل قائد وكل مسؤول وكل مرؤوس أن يعمل قدر المستطاع وبما أوتي من معرفة وعلم وقوة وإيمان على تحقيق العدل بشكل عام والعدالة التنظيمية موضوعنا على وجه الخصوص.
واذا ما نظرنا إلى المؤسسات العامة نلاحظ أنها خطت خطوات إيجابية وبناءة في السير قدماً نحول تحقيق العدالة التنظيمية، من خلال تطبيق الأنظمة والتعليمات بشكل متساو وعادل على كافة العاملين في المؤسسة، وإذا ما أخذنا مؤسستين أو وزارتين، أحدها يتوفر فيها قائد عادل يطبق التعليمات والأنظمة والقوانين على الجميع وعلى نفسه بشكل متساو، والمؤسسة الأخرى فيها قائد مستبد يطبق القوانين والأنظمة والتعليمات حسب أهوائه ورغاباته لشخصية ورغبات أعوانه وحاشيته، وقمنا بقياس درجة الرضا الوظيفي في المؤسستين، فسوف نجد أن درجة الرضا الوظيفي في المؤسستين ليست ضمن المطلوب والمرغوب مع الفارق في الدرجة بالتأكيد بين المؤسسة العادلة والمؤسسة المستبدة، والسؤال هنا : ما السبب/الأسباب وراء ذلك؟، وخصوصا في حالة المؤسسة العادلة.
وهنا يمكن تحليل الأمر كالتالي بعيدا عن المؤسسة المستبدة، لأن النتيجة الحتمية للمؤسسة المستبدة هي: صراعات تنظيمية واحتراق وظيفي وبالتالي ضعف في الأداء وعدم تحقيق الأهداف المنشودة.
وأما بالنسبة للمؤسسة العادلة، فهنا يجب العودة والرجوع إلى التعليمات والأنظمة التي طبقت في المؤسسة، حيث أن عدم الرضا ناجم عن ظلم وقصور في الأنظمة والتعليمات والقوانين المطبقة في تلك المؤسسة، فنجد على سبيل المثيل أن التدرج في الرتب الوظيفية غير عادل، وكمثال آخر وقوي وحي هي العلاوات التي تمنح للعاملين، حيث نلاحظ البون الشاسع في الرواتب بين الأشخاص، وبدون أي مبرر، وهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على الاستبداد، والذي يعني الظلم في الأنظمة والتعليمات والقوانين.
كل ما تقدم يقودنا إلى التسليم بوجود ظاهرة الاستبداد التنظيمي في المؤسسات العامة، والذي مرده إلى قادة المؤسسات أحياناً، ولكن أساسه الظلم في الأنظمة والتعليمات والقوانين السائدة، مما يقود إلى خمول المؤسسة وجمودها بسبب خمول العاملين فيها.
لذا وجب الاهتمام بهذه الظاهرة والوقوف عليها ومعالجتها حتى تتم تنمية مؤسساتنا بشكل لائق ومميز.


الاستبداد التنظيمي/المؤسسات العامة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع