القصة الإخبارية في القرآن الكريم
د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI
21/10/2020 القراءات: 1954
القصة الإخبارية في القرآن الكريم د. طه أحمد الزيدي- رئيس جمعية البصيرة للبحوث والتنمية الاعلامية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فيكاد يجمع الصحفيون والإعلاميون على أن الخبر المهني المتكامل يجيب عن الأسئلة الستة، وهي: (ماذا؟ من؟ متى؟ أين؟ كيف؟ لماذا؟) أو أكثرها، إلا إنّ القرآن الكريم ضم إلى هذه العناصر عناصر أخرى، ليشكل القصة الإخبارية، ويسبق إلى تحليل ما وراء الخبر، وارتباطاته.
إنّ القصة الإخبارية في القرآن الكريم تبنى على محورين رئيسين هما: توصيف الحدث وتحليل ارتباطه، فمحور توصيف الحدث يقوم على الأسئلة الخمسة: (ماذا ومن ومتى وأين وكيف).
وأما محور تحليل الارتباط يقوم على ثلاثة اسئلة، هي:
-ما قبله ؟ (أو لماذا؟): وهو يحدد خلفية الحدث ومقدماته، أي: ما قبل الحدث.
-ما بعده؟ (أو ما المتوقع؟): وهو يحدد مآل الحدث ونتائجه المستقبلية.
-ما أثره؟ وهو يحدد علاقته بالمتلقي سواء بشكل شخصي أو بمحيطه أو بقضيته، أي ما وراء الخبر بالنسبة لنا في الوقت الآني.
شواهد من القصة الإخبارية في القرآن الكريم (حادثة الاسراء)
قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (سورة الإسراء:1)، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ» ، قَالَ: «فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ). رواه مسلم.
التحليل الإخباري: هذا حدث اخبر به الله تعالى عن حادثة الإسراء لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبث إلى أهل مكة من مسلمين ومشركين، صباح ليلة الحادثة، وقد استجمع عناصر القصة الإخبارية وتساؤلاتها المحورية.
أولا: محور التوصيف
-ماذا حدث؟ الاسراء أي السير أو الرحلة الليلية.
-من؟ الله تعالى اسرى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
-متى ؟ ليلة أمس.
-أين؟ من مكة إلى بيت المقدس، وبتحديد أدق (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى).
-كيف؟ بواسطة دابة البراق وبرفقة جبريل عليه السلام.
ثانيا: محور التحليل الارتباطي
-لماذا؟ ليطلعه الله تعالى على آياته الكبرى، ولزيادة الربط مع الرسل السابقين، ولفتح مساحات أفقية للدعوة، وبيان طبيعة الصراع في الأمم السابقة.
-ما المتوقع؟ الآني تكذيب المشركين لهذه المعجزة، وبعيد ظهور الإسلام، وحدوث صراع بين المسلمين وبني اسرائيل .
-ما أثره؟ التنويه بدرجة العبودية التي تمثل أعلى مقامات القرب من الله تعالى، ومكانة بيت المقدس والمسجد الأقصى عند المسلمين ومن ثم تحمل المسلمين مسؤولية حماية المسجد الأقصى وفتحه.
وتجلت قدرة المصدر على التحليل الارتباطي والإحاطة بالحدث من كل جوانبه، بقوله تعالى (وهو السميع البصير)، واستعمال هذين الاسمين من أسماء الله الحسنى له دلالة على الإعجاز الإعلامي، لأنهما مرتبطان بأداتين من أدوات الإدراك الإعلامي (السمع والبصر) ولا يحصل إعلام بالرسالة إلا بهما أو بأحدهما، ولذا فان وسائل الإعلام تقسم بحسب هاتين الأداتين إلى وسائل مقروءة (مكتوبة) تعتمد على حاسة البصر، ومسموعة تعتمد على حاسة السمع ، ومرئية (سمعبصرية) تعتمد على السمع والبصر معا، وهي أعلاها وأكثرها تأثيرا، ولذا جاء الجمع بين هذين الاسمين زيادة في الترابط الإعلامي بين التوصيف الإخباري والتأثير.
الاعجاز القرآني- الاعجاز الاعلامي- الاعلام- القصة الاخبارية- الاسراء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع