مدونة مجدي محمد كلاب


سياسات الاحتلال الإسرائيلي في تهويد القدس الشريف

مجدي محمد كلاب | Magdi Mohammed Kullab


17/10/2020 القراءات: 5141  


إن ما يجري في القدس من تهويد واضطهاد وتزوير في المعالم الحضارية والإسلامية للأمة العربية، وما يجري من اضطهاد سياسي للعرب في إطار زائف للشرعية (الإسرائيلية) لا يمكن أن ينفصل عما يدور في الأرض العربية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة... وما يحدث على الأرض الفلسطينية المحتلة إنما هو من مظاهر المواجهة حول القضية الفلسطينية وفصل القدس عن الضفة الغربية, وهو في هذه الحالة إنما يعبر عن التخطيط الصهيوني المبيت من أجل التهام الأرض الفلسطينية من أصحابها الشرعيين، وذلك بعد تغيير المعالم السكانية وخلق أغلبية عددية من السكان اليهود.
سبعون سنة مرت على الاحتلال الصهيوني لغربي القدس وخمسون سنة على احتلالهم للقسم الشرقي للمدينة المقدسة، وخلال هذه المدة عمل الاحتلال وما يزال على تغيير جذري في المدينة لتنتقل المدينة من مظهرها العربي إلى شكل جديد يتناسب مع المخططات (الإسرائيلية) وقد أكد منظرو الحركة الصهيونية منذ منتصف القرن الماضي أن هدف الحركة الصهيونية هو احتلال القدس وجعلها عاصمة لـ(إسرائيل) ومع انتهاء الحرب العربية (الإسرائيلية) عام 1948م، تمكنت القوات (الإسرائيلية) من تحقيق الحلم الصهيوني في إقامة دولة اليهود، وحيث تم احتلال 66.2% من المساحة الكلية لمدينة القدس، وبقيت البلدة القديمة بحوزة العرب حتى عام 1967م، وقد ترتب على ذلك فقدان أحياء عربية كاملة، وتهجير سكان القدس الفلسطينيين وإحلال المهاجرين اليهود محلهم وإقامة أحياء سكنية يهودية جديدة، وهدم القرى التابعة للمدينة. وقامت (إسرائيل) فور احتلالها للجزء الغربي للمدينة بترحيل أو طرد حوالي 28.000 مسلم ومسيحي مقيمين في (القدس الغربية) من منازلهم ولم يُسمح لهم بالعودة إلى يومنا هذا.
وعندما جاءت حرب حزيران عام 1967م تمكنت القوات (الإسرائيلية) من إحكام قبضتها على الجزء المتبقي من المدينة، ولتتعاظم بعدها عمليات التصفية الحضارية، وتهويد المدينة المقدسة. وعند وصل وزير الدفاع (الإسرائيلي) "موشيه ديان" وبرفقته عدد من زعماء اليهود إلى حائط البراق الشريف، أعلن هناك بيانه التهويدي الأول بقوله: "لقد عدنا إلى الهيكل المقدس ولن نبارحه أبداً مرة أخرى". ثم سارعت (إسرائيل) في تنفيذ سياساتها وأهدافها تجاه القدس واشتملت على خلق واقع جديد يصعب تغييره في المدينة يمكنها من تأمين سيطرة مطلقة على جميع أجزاء المدينة وإعادة رسم الحدود البلدية لشطري المدينة, وبعد أيام قليلة فقط من احتلال جميع أجزاء المدينة المقدسة بدأ الصهاينة برنامج التصفية الحضارية وتغيير التركيب الداخلي والخارجي للمدينة، وكان من أبرز الإجراءات (الإسرائيلية) بعد حرب‏1967م،‏ عملية الإخلاء والطرد بالقوة لأكثر من‏ (6000)‏ فلسطيني من البلدة القديمة‏،‏ خاصة حارة المغاربة وهدم حوالي ‏(135)‏ منزلاً، وذلك لتوفير مساحة ممتدة أمام حائط البراق ‏(‏المبكى‏), وكان أول قرار لـ(الكنيست الإسرائيلي) الذي أعلن فيه أن القدس عاصمة (إسرائيل)‏،‏ حيث منح الحكومة صلاحيات فرض قوانينها على (القدس الشرقية)، وقد عمل (الإسرائيليون) منذ اليوم الأول لاستيلائهم على تهويد المدينة بشكل مخطط ومدروس من خلال سياسة الضم والاستيطان وتهجير المقدسيين, وقد اتخذوا مجموعة من الإجراءات للسيطرة على المدينة وطمس هويتها الثقافية العربية وتغيير معالمها، ولصبغها بالصبغة اليهودية، باستخدام وسائل عديدة ومتنوعة منها مصادرة الأراضي أو شرائها عن طريق التزوير، والتلاعب بالإحصاءات والدراسات الديموغرافية، وتهجير السكان العرب قسريا.


القدس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع