أداء العبادات الجماعية مع انتشار فايروس كورونا
د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI
13/03/2020 القراءات: 3521
فتوى بشأن أداء العبادات الجماعية مع انتشار فايروس كورونا
صادرة عن المجمع الفقهي العراقي
د. طه احمد الزيدي عضو لجنة الفتوى بالمجمع الفقهي العراقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فيقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (التغابن: 16)، ويقول سبحانه: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78).
وقد اتفق الفقهاء على أنّ من الأعذار المسقطة لوجوب صلاة الجمعة وحضور الجماعة المرض الذي يمنع صاحبه من الحضور إلى المسجد، وتفشي وباء أو خوف تفشيه فإذا حصل ذلك في بلد أو محافظة أو مدينة وتم تعطيل المدارس والمعاهد والجامعات أو حصل حظر للتجوال خوفا من تفشي الوباء كفايروس الكورونا، ففي مثل هذه الحالات يؤخذ بالرخصة في أداء العبادات لأبناء تلك المحافظات أو المدن، وهي على مرحلتين:
الأولى: الخوف من انتشار المرض
- سقوط وجوب الجمعة، مع الحرص على إقامتها وقصر خطبتها.
- الرخصة في عدم حضور صلاة الجماعة في المسجد، ولاسيما لكبار السن والصغار وضعيفي المناعة.
- ويصلي المكلف المعذور الأوقات وظهر يوم الجمعة في بيته.
- يحرم على من أصيب بهذا المرض أو يشتبه بإصابته به التواجد في الاماكن العامة، ومنها حضور صلاة الجمعة والجماعة، وعليه أن يصلي في بيته أو المكان المخصص له، حتى تزول علته؛ ويشفى من مرضه؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ) متفق عليه، ولأن الناس يتأذون ويتضررون بحضوره، وقد اتفق الفقهاء على أن من الأعذار التي تبيح للفرد التخلف عن صلاة الجمعة أو الجماعة في المسجد كل مرض يمنع صاحبه من التمكن من حضورها أو يتسبب بتنفير الآخرين وإيذائهم منه، كالأمراض المعدية أو الأمراض المنفرة، من باب قياس الاولى على أكل الثوم ونحوه، بجامع الأذى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أو بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا -أَوْ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا- وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ) أخرجه البخاري، فصاحب الوباء أولى بالإعتزال من آكل الثوم.
- عدم تعطيل شعيرة الآذان فيرفع في وقته، ويؤدي صلاة الجماعة من يتواجد في المسجد، ومن يجد في نفسه القوة والقدرة على الحضور.
- قرار حظر التجوال عند صدوره لا يشمل عادة الدوائر الخدمية والصحية والامنية، والمفارز الميدانية، والأفران وأسواق المواد الغذائية لحاجة الناس اليها، وكذلك تنقل الأفراد الأصحاء بين الأحياء السكنية المتجاورة، ويمكن لهؤلاء الأفراد أداء صلاة الجمعة والجماعة في المسجد، ولا حرج في الصلاة مع وضع كمامة على الأنف والفم.
- على الجهات المعنية إيقاف السياحة العامة والدينية، لأن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عن الوباء: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) متفق عليه.
الثانية: بلوغ المرض مرحلة الوباء لا قدر الله
في هذه الحالة يجب الإلتزام بتوجيهات الجهات المختصة، وبناء عليها يتم تعطيل كلِّ اجتماع ولو لعبادة جماعية أو غيرها؛ لدفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما.
وفي هذه الظروف الطارئة يدعو المجمع الفقهي العراقي المواطنين كافة إلى الالتزام بتوجيهات الجهات المختصة فيما يتعلق بمواجهة هذا المرض، والإمتناع عن نشر الشائعات والأراجيف، وعلى وسائل الإعلام زيادة الوعي بالتعامل مع هذا المرض من غير تهويل.
كما ندعو أصحاب الصيدليات ومذاخر الأدوية والأسواق التجارية الى عدم إستغلال الظرف ورفع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية فالتعاون على الخير مطلوب شرعا.
وقبل كل شيء ندعو الناس إلى الإنابة والتوبة النصوح وإصلاح حالنا مع الله تعالى، وأن نحسن الظن به تعالى فلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وأنّه " مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ".
نسأل الله تعالى أن يحفظ بلدنا وسائر البلدان من هذا الوباء ومَن سَيِّئِ الأَسْقَامِ ، وأن يكتب السلامة لجميع العباد، ونعُوذ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
فتوى- المسجد وكورونا- تعطيل الصلاة- المجمع الفقهي العراقي- الصلاة عند الوباء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة