مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


الامن الغذائي العالمي - المفهوم والابعاد القانونية

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


11/08/2024 القراءات: 119  


وقد دعا المجتمع الدولي إلى تحقيق تحوّل نوعي من أجل تحسين الوقاية والتوقع والاستهداف لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، بدلًا من الاستجابة لآثارها عند حدوثها. ويتطلب ذلك اتباع نُهج مبتكرة وجهودًا أكثر تنسيقًا من جانب المنظمات الدولية والحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية. وينبغي أن تركز الأنشطة على تفعيل المساعدة الإنسانية، بما في ذلك اتباع نُهج مبتكرة مثل الإجراءات الاستباقية وشبكات الأمان التي تستجيب للصدمات. ومن منظور التنمية، من الأهمية بمكان زيادة الاستثمارات الأساسية لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية وسوء تغذية الأطفال. ويستلزم ذلك جعل النظم الزراعية والغذائية أكثر استدامة وشمولًا، بما في ذلك من خلال استخدام الحلول القائمة على الطبيعة، والوصول الشامل إلى الأغذية، وتحسين التخفيف من المخاطر. ويتعيّن أيضًا زيادة الاستثمارات في مجالي الوقاية والكشف المبكر عن هزال الأطفال ومعالجته. وكتب الأمين العام للأمم المتحدة في توطئة التقرير أن "هذه الأزمة تتطلب تغييرًا جذريًا ومنهجيًا. ويوضح هذا التقرير أن التقدم ممكن. فنحن لدينا البيانات والدراية لبناء عالم أكثر قدرةً على الصمود وأكثر شمولًا واستدامةً لا مكان فيه للجوع - بما في ذلك من خلال نظم غذائية أقوى واستثمارات كثيفة في الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة لجميع الأشخاص، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه". وقد تزامن نشر التقرير مع صدور بيان عن شبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية.
ويساعد عمل برنامج الأغذية العالمي لتغيير الحياة في بناء رأس المال البشري، ودعم الحكومات في تعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار في المجتمعات في الأماكن المعرضة للخطر على نحو خاص، ومساعدتها على الصمود بشكل أفضل في مواجهة الصدمات المفاجئة دون خسارة جميع أصولها. وخلال فترة لا تتعدى الأربع سنوات من توسيع نطاق برنامج بناء القدرة على الصمود في منطقة الساحل، قام برنامج الأغذية العالمي والمجتمعات المحلية بتحويل 158,000 هكتار من الحقول القاحلة في منطقة الساحل في خمسة بلدان أفريقية إلى أراضي زراعية ومراعي. وقد استفاد أكثر من 2.5 مليون شخص من الأنشطة المتكاملة. وتبرهن الأدلة على أن السكان قد أصبحوا أكثر استعدادًا لتحمل الصدمات الموسمية ولديهم قدرة أفضل على الوصول إلى الموارد الطبيعية الحيوية مثل الأرض التي يمكنهم العمل فيها. وتتمتع الأسر ومنازلها وممتلكاتها وحقولها بحماية أفضل من مخاطر المناخ. ويعمل الدعم بمثابة حائط صد يحول دون عدم الاستقرار من خلال بناء التعاون بين الناس، وإنشاء شبكات أمان اجتماعي، والحفاظ على إنتاجية الأراضي، وتوفير فرص العمل - وكل ذلك يساعد على كسر حلقة الجوع. وكمثال آخر، يوفر برنامج التأمين متناهي الصغر الرائد برعاية برنامج الأغذية العالمي – مبادرة R4 للقدرة على التحمل في الأرياف - الحماية لحوالي 360 ألف أسرة من أسر المزارعين والرعاة من مخاطر المناخ التي تهدد المحاصيل وسبل كسب العيش في 14 بلدًا من بينها بنجلاديش، والسلفادور، وإثيوبيا، وفيجي، وجواتيمالا، وكينيا، ومدغشقر، وزيمبابوي. وفي الوقت نفسه، يعمل برنامج الأغذية العالمي مع الحكومات في 83 بلدًا لتعزيز أو بناء شبكات الأمان الوطنية وبرامج الحماية الاجتماعية المراعية للتغذية، مما يسمح لنا بإيصال المساعدات الغذائية للحالات الطارئة إلى عدد أكبر من الناس. وعلى الرغم من ذلك، فإن المساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي. إن الجهد المنسق على مستوى الحكومات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والشركاء هو السبيل الوحيد للتخفيف من حدة الأزمة الأكثر حدة على الإطلاق المتوقعة في عام 2023. وتعتبر الحوكمة الجيدة هي الخيط الذهبي الذي يربط المجتمع معًا، مما يسمح بنمو الرأس المال البشري وتطور الاقتصادات وازدهار الشعوب. ويحتاج العالم كذلك إلى مشاركة سياسية أعمق لتحقيق هدف القضاء التام على الجوع. فالإرادة السياسية هي وحدها القادرة على إنهاء النزاعات في بلدان مثل اليمن وإثيوبيا وجنوب السودان، وإذا لم يوجد التزام سياسي قوي بالعمل على احتواء الاحتباس الحراري على النحو المنصوص عليه في اتفاقية باريس، ستواصل العوامل الرئيسية الدافعة للجوع تأثيرها السلبي دون انقطاع.
وقد زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة على صعيد الأغذية والتغذية وسبل العيش للعام الرابع على التوالي خلال سنة 2022، إذ يواجه أكثر من ربع مليار شخص الجوع الحاد، ويقع الأشخاص في سبعة بلدان على شفا المجاعة، وفقًا لأحدث تقرير عالمي عن الأزمات الغذائية. وأطلقت اليوم الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية(GNAFC) ( ) التقرير السنوي الذي أعدّته شبكة معلومات الأمن الغذائي (FSIN) - والشبكة العالمية هي عبارة عن تحالف دولي بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ووكالات حكومية وغير حكومية تعمل معًا على معالجة الأزمات الغذائية. ووجد التقرير أن حوالي 258 مليون شخص في 58 بلدًا وإقليمًا قد واجهوا انعدامًا حادًا في أمنهم الغذائي على مستوى الأزمات أو مستويات أسوأ (المرحلة 3-5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي/الإطار المنسق) في عام 2022، وهو ما يمثل ارتفاعًا من 193 مليون شخص في 53 بلدًا وإقليمًا في عام 2021. وهذا الرقم هو الأعلى في تاريخ التقرير الذي صدر لأول مرة منذ سبع سنوات. ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من هذا الارتفاع يعكس الزيادة في عدد السكان الذين شملهم التحليل. وفي عام 2022، زادت شدة انعدام الأمن الغذائي الحاد لتبلغ نسبة 22.7 في المائة، قياسًا بنسبة 21.3 في المائة في عام 2021، ولكنها لا تزال مرتفعةً بشكل غير مقبول وتؤكّد اتجاه التدهور في ما يتعلق بانعدام الأمن الغذائي الحاد على مستوى العالم.


برنامج الغذاء العالمي- منظمة الامم المتحدة للزراعة والغذاء- الامن الغذائي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع