الرواية كذخيرة تثقيف وحيدة
زينب صلاح إبراهيم علام | Zinab Salah Ebrahem Alam
24/08/2024 القراءات: 248
يُدهشني أولئك الذين يحصرون الثقافة في القراءة الروائية بل إني لأعتقد أن أصنافاً أخرىٰ مثل القراءة الشعرية مثلاً هي في حد ذاتها تُنمي الوعي المعرفي أكثر مما تفعل الرواية بل أكثر من هذا فلقد تُثرى القصة القصيرة وجدان القارئ وتعمق تفكيره أكثر مما تفعل الطويلة، وبالطبع هذا ليس تقليلاً من شأن الأدب الروائى ولكن أعتقد أن قارئ الرواية المكتفى بها مَثلُه كمثل الذى أكتفى بالزهرة مستمتعا برونقها وعبيرها ودفء بهائها دون أن يُكلف نفسه عناء أقتناء الشجرة ذاتها ساقاً وأفرعاً وجذورا، بل إننا في محاولة منا لتصنيف الرواية تصنيفاً فقهياً اقتصادياً ستقع الرواية في باب التحسينات؛
بشكل أكثر تقريباً نقول أن القارئ للرواية لابد له من أن تسبق قرائته تلك منهجة تفكيره وذلك بالتبحر في علوم شتىٰ من أجل أن يتمكن من توجيه ما يقرأه لا أن يتم توجيهه؛ أن يُقنن ما يمكن تَبنيه من أفكار تُطرح بشكل ناعم من خلال تلك الروايات لا أن تتملكه هي، فهو بذلك الإكتفاء نجده وقد ترك الباب مُصرعاً لمؤلف الرواية لكي يبُث في عقله أي فكرة يبتغيها أياً كانت خلفياتها ومراميها، وكثيراً ما نصادف مثل هؤلاء الذين إذا حاولت مناقشتهم بالحجة وتمكنت من لفت نظرهم لبلاهة تلك الأفكار لوجدت الواحد منهم فاغراً فاه من هول ما اكتشف في نفسه من حماقه، هذا إن كان مُنصفاً أما في الغالب الأعم ستجده يناطحك بحُمقه متمسكاً بجهله، بل أكثر من هذا فإن المنهج في حد ذاته لايمكن أن يتم إستقائه فقط من مجرد القرائات المتنوعة المتعمقة حيناً و العابرة أحيانا،
بل تؤخذ المناهج من مشايخ العلم ذواتهم بالجلوس بين أيديهم لا مجرد القراءة لهم فالعلم هو ما في السطور أما المنهج فتبثه فقط الصدور،
وكما قال الشاعر :
إذا رأيت شباب الحي قد نشأوا
لاينقلون قِلال الحبر و الورقا
ولاتراهم لدي الأشياخ في حُلق
يعون من صالح الأخبار ما اتسقا
فذرهم عنك وأعلم أنهم همجُ
قد بدلوا بعلو الهمة الحُمقا
لذا وجب علينا مراجعة الكثير من المفاهيم المغلوطة سواء في تلقينا العلم أو الترويج له أمَا وقد انتهينا إلى جيل هجر قاعات الدراسة مكتفياً بالملخصات ومعتدما حينا على ما تم الإصطلاح عليه مؤخرا ب"الهبد" ففي محاولةٍ منه لإستكمال ثغرات تحصيله التي لابد من وقوعها لا محالة نجده يستخدم ذلك "الهبد " تارة والغش البين أطوارا فخلفت لنا كل هذه العوار جيلا ذا عقل مسطح كصفوان عليه تراب حتى إذا أصابه وابل سيتركه صلدا، فهو لا يدري برغم كل هذا مدى سطحيته السافرة حين يقرر أن تأخذه الجلالة ككل الأَدعياء المتفيهقين متخيلاً أن بقراءته لعدد من الروايات يجعل منه أخيراً وبرغم كل شيء مثقفا!... فلابد من تصحيح الرؤية لنرى المنظر بجلاء ولنتمكن من المُضى قدما دون أن نسمح لضبابات الغزو الفكري من تحويل مسارنا عن وجهته الصحيحة .
الرواية، الوعي المعرفي، قاعات الدراسة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع