مدونة دكتور قيس فتحي احمد


حوانيت الوراقين في الحضارة العربية والإسلامية

دكتور قيس فتحي احمد | D.qays Fathi Ahmed


19/12/2022 القراءات: 2642  


حوانيت الوراقين:
وهي من الأماكن التي أسهمت في ازدهار حركة العلم والثقافة لأنها كانت ملتقى العلماء والأدباء وطلبة العلم كما كان يجري فيها نسخ الكتب وتجليدها وبيعها فضلا عن بيع الورق ومواد الكتابة( ).
وقد ساعد اكتشاف صناعة الورق وتوفير مواد الكتابة وأدواتها منذ مطلع العصر العباسي على تطور حركة الوراقة ورواجها وزاد من ذلك انتشار التعليم والمعرفة وإقبال الناس على التعلم واحترام العلم فظهرت دكاكين الوراقين وتجارة الكتب التي ازدهرت ازدهارا كبيرا في العصر العباسي نتيجة للتطور الحضاري الذي مر به المجتمع العربي الإسلامي( ).
وقد مارس مهنة تجارة الكتب كبار العلماء الذين نقلت أخبارهم كتب التاريخ, فلم يكن بائعو الكتب مجرد تجار ينشدون الربح وإنما كانوا في معظم الأحيان أدباء ذوي ثقافة واسعة ولهذا عرفت قائمة أسماء الوراقين شخصيات لامعة, كابن النديم (ت385ﻫ/995م) صاحب الفهرست وياقوت الحموي (ت626ﻫ/1228م) مؤلف معجم الأدباء ومعجم البلدان( ).
وقد كان بعض العلماء يعملون في الأسواق لكسب معاشهم وكانوا يستقبلون طلابهم في دكاكينهم التي كانت هي ملتقى للعلماء أيضا حيث يتباحثون في مختلف المواضيع, واعتاد بعضهم أن يعقد مجلس الدرس في حانوته بانتظام( ) وقد اختار الكثير من المثقفين هذه المهنة لما توفره لهم من فرص للقراءة والإطلاع وكسب العيش أيضا( ).
ولأهمية حوانيت الوراقين وما تؤديه من نشر للعلم والمعرفة فقد أصبحت لهم مكانتهم في المجتمع وعدت مهنتهم هذه أفضل الصنائع لأنها فضلاً عما تؤديه من نشر للعلم تعمل على كتابة المصاحف الشريفة وكتب العلم ووثائق الناس( ).
والأمثلة على أهمية الدور الذي أدته هذه الحوانيت في نشر العلم وعلاقتها مع العلماء وطلبة العلم كثيرة,فالجاحظ(ت255ﻫ/968م) كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر والبحث والقراءة والإطلاع على ما فيها من كتب متنوعة،حتى انه مات في حب الكتب عندما سقطت عليه فقتلته( ).وكان احمد بن أبي طاهر أبو الفضل (ت280ﻫ/م) في بدايته مؤدب كتاب عامياً ثم تخصص وجلس في سوق الوراقين في الجانب الشرقي من بغداد للتعليم وتصنيف الكتب( ).
وكان حانوت أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد الصبغي (ت344ﻫ/955م) مجمع الحفاظ والمحدثين( )، وسمع علي بن محسن التنوخي (ت447ﻫ/1055م) من شيخه محمد بن أحمد بن عمران المطرز في دكانه بباب الشعير بالكرخ في سنة (374ﻫ/984م) ( ),
والخطيب البغدادي (ت463ﻫ/1070م) سمع وكتب عن محمد بن إدريس أبي بكر الشعراني في دكان أبي العباس بن إسحاق( )، وكان محمد بن محمود البغدادي( ت643ﻫ /1245م) يقرا الحديث على أبي محمد عبد العزيز بن محمود البغدادي (ت611ﻫ/1214م) في حانوته ببغداد( ).
وهنا لابد من الإشارة انه لا يمكن تجاهل دور حوانيت الوراقين في النقل الفكري والثقافي من خلال الكتب التي تأتي من مختلف المدن الإسلامية مما يحقق وحدة ثقافية معرفية، فما أن يظهر كتاب قيم في مدينة من المدن إلا تم نسخه ونقله.


حوانيت، الوراقين، الحضارة العربية والإسلامية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع