د. آدم أحمد آدم


الحروب لا تغير أخلاق الناس، لكنها تكشف معدنهم الحقيقي.

د. آدم أحمد آدم | Dr. Adam Ahmed Adam


03/08/2023 القراءات: 1285  


من المعروف للجميع أن الحروب من أكثر المصائب التي يمكن أن يمر بها الإنسان فهي تحمل معها الموت والتشرد والنزوح والجوع والفقر والاختفاء وخلافه من المآسي، لكن رغم ذلك تأتي أحيانا لتكشف أخلاق البعض على حقيقتها، فالناظر إلى حال بلادنا في هذه الحرب التي لم يرى أهل السودان مثلها ونتمنى أن لا يرو أبدا، أنها كشفت عن حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن البعض يعيش أزمة أخلاقية لا مثيل لها حين أظهرت ما لم نتوقع وكشفت الكثير من حقائق الناس.
حرب ١٥ أبريل أخرجت القذارات الكامنة في نفوس الناس من فساد الأخلاق والقيم إلى فساد الأيادي والذمم، أصبح الناس يستغلون بعضهم البعض بصورة مقززة لا تمت إلى قيم ومُثل الشعب السوداني بصله، ذلك الشعب الموصوف بالشجاعة والشهامة والكرم ومكارم الأخلاق التي شهد له العالم بها.
أظهرت هذه الحرب معادن الرجال وعرّفتنا على الحقيقي والمزيف، كشفت ضحالة الوعي لدى بعض الناس وللأسف هؤلاء يُعدون من نخبة المجتمع، مثقفون وأساتذة جامعات وموظفي دولة وإعلاميون ورجال اقتصاد وغيرهم من شرائح المجتمع أظهرت هذه الحرب أنانيتهم واستغلال نفوذهم وضعف أخلاقهم وغياب ضمائرهم وتجردهم من كل معاني العفة والأمانة والصدق، نقول هذا ونحن شهود عيان على أن المواطن البسيط في القرى والمناطق الريفية كان هو الأكثر نبلا وشهامة وصدقا وكرما فقد استقبلت أرياف وقرى السودان ملايين العائلات الفارة من ويلات الحرب دون من ولا أذى، فُتحت البيوت على مصراعيها قسّم أهل القرى طعامهم مع الوافدين، عاملوهم معاملة الضيوف ورفضوا إطلاق كلمة "نازحين" عليهم أثبت هؤلاء البسطاء أن الأخلاق صفة متأصلة في البشرية وأنها هبة من الله.
وبقدر ما كانت هذه الحرب مؤلمة فإنها بالقدر ذاته كانت كاشفة، أصحاب الأخلاق في واقعنا اليوم يدفعون ثمناً باهضاً في تحمل أذى من لا أخلاق لهم ولا تربية، هذه هي الحقيقة المرة ودوما ما كانت الحقائق أكثر إيلاماً، لم تغير الحرب من طبائعنا وأخلاقنا، لكنها نقلتنا من الخير للشر، ومن الشر للخير وكشفت معادننا الحقيقية.


الحروب ، النزوح ، الأخلاق ، القيم ، معادن الناس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع