مدونة احمد عمر احمد عمر سالم غلاب


ارشاد الموهوبين والمبدعين

احمد عمر احمد عمر سالم غلاب | ahmed omar ahmed omar salem


04/10/2019 القراءات: 2952  


أغلب الطلبة الموهوبين قد لا تكون لديهم القدرة على أن يشقوا طريقهم بأنفسهم، على الرغم من امتلاكهم لبعض القدرات، إلا أنّ معظمهم لا يستطيعون إظهار هذه المواهب وتطويرها دون مساعدة الآخرين. فهم بحاجة إلى خدمات أكاديمية وكذلك انفعالية من خلال فهمهم وتقبلهم ودعمهم، إذ أكدت دراسة فريمان (1991) أنّ التطور الانفعالي للأطفال الموهوبين ضمن العلاقة بين البيت والمدرسة يشوبه بعض المشكلات الانفعالية التي لا تعود إلى قدرات الموهوبين بحد ذاتها، ولكن إلى معتقدات الآخرين عنهم وممارستهم غير الداعمة، كصراع الأهل وتوقعاتهم المختلفة حول أطفالهم الموهوبين. وقد أدت نتائج مثل هذه الدراسة واهتمام عدد من الباحثين بدراسة الحاجات الاجتماعية والانفعالية للموهوبين، والموهوبين من ذوي التحصيل المتدني، والموهوبين من أبناء الريف والمناطق الأقل حظاً، والموهوبين من ذوي الإعاقة؛ إلى زيادة الاهتمام بتطوير برامج إرشادية للموهوبين، تساعد على الوقاية من الوقوع في المشكلات المختلفة، وتعمل على تقديم الخدمات الإرشادية والعلاجية المناسبة في حالة وقوعها.
وعندما يقترب الطلبة الموهوبون من إنهاء المرحلة الثانوية، يتدخل التربويون والوالدان فيما يتعلق بالدراسة الجامعية واختيار مهنة المستقبل، حرصاً منهم على أن لا تضيع مواهب أبنائهم، إذ يرى هؤلاء الراشدون أن هناك مهناً معينة يستحقها الطلبة الموهوبون كالطب، والهندسة، والمحاماة، بينما ينبغي على الطلبة الموهوبين أن لا يتوجهوا لمهن مثل التدريس، والإرشاد، والعمل الاجتماعي، والتمريض، مما يشكل مصدراً للضغط على الطلبة الموهوبين.
وتُعد عملية التخطيط للمهنة بالنسبة للطلبة الموهوبين عملية صعبة، فهم لا يعرفون عادة ماذا سيفعلون “بقية حياتهم”. وعلى الرغم من نجاحهم وتفوقهم أكاديمياً إلا أن ذلك لا يعني أن لديهم خطة حول مهنة المستقبل، فقدراتهم وطموحاتهم قد لا تتحقق في أعمال هادفة أو مخططة (بوابة موهبة، بلا تاريخ).
إن الملكات أو المواهب التي وهبها الخالق جلت قدرته للإنسان تبدأ مع بداية الحياة كاستعدادات كامنة أو إمكانات محتملة، تنمو وتنضج مع نمو الفرد في مراحل حياته الأولى، وتصل إلى مرحلة يحقق فيها الفرد أعلى مراتب الابتكار والإبداع.
ويعد الموهوب ثروةً وطنيةً، وكنزاً لأمته وعاملاً من عوامل نهضة مجتمعه في مجالات الحياة العلمية والمهنية والفنية. ومن ثمّ، فإنّ استغلال قدراته استغلالاً فكرياً وتربوياً يُعد ضرورةً حتمية. فالموهوبون والمتميزون في أغلب المجتمعات، هم الذين تقوم على كواهلهم نهضتها، فهم عقولها المدبرة، وقلوبها الواعية، وواضعو الأهداف وراسمو خطط تحقيق تلك الأهداف، ومنهم يظهر القادة في مجالات الحياة المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والسياسية والخدمية (الزهراني، 1999).
ولعل الجميع يؤمن إلى حد كبير بالمسلمة البديهية التي تنص على أن الثروة البشرية أفضل نفعاً وأعم فائدة، وأكثر عائداً من جميع الثروات المادية الأخرى إذا ما ارتقى إعدادها، وأُحسن استغلالها، لذا يُلاحَظ اليوم بشكل ظاهر تسابق المجتمعات وسعي الأمم والبلدان في الكشف عن الأبناء المتفوقين والموهوبين والمبدعين ورعايتهم، فلقد أدركت تلك الدول أنّ قدراتها إنّما تعلو بموهوبيها ومبدعيها، وأنّها تتقدم على غيرها من الدول بعقول علمائها ومفكريها ومخترعيها (القذافي، 1996).
وهكذا، فكلما كانت البيئات المجتمعية المختلفة (الأسرة، المدرسة، وباقي مؤسسات المجتمع) مهيأة لرعاية الموهوبين وفاعلة في ذلك، أصبحت في نظر هؤلاء بيئات بهيجة وجاذبة، ومرتعاً خصباً للإنتاج والعمل، وعلى العكس من ذلك، فكلما كانت تلك البيئات غير مهيأة وغير فاعلة فإنها تصبح في نظرهم بيئات كئيبة وطاردة. وإن رعاية المتفوقين والموهوبين في أي مجتمع وتحت أي ظروف اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو مادية لا ينبغي أن تكون كمالية أو فكرة يتم التباهي والافتخار بها في المحافل والمنتديات المختلفة، أو أنها مكرمة تقدم لهؤلاء الطلاب تفضلاً، ولا ينبغي أن تكون بدواعي الشفقة والرفق بهم كما هي الحال بالنسبة لمعظم برامج رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أن هذا النمط من الرعاية جزء لا يتجزأ من أي نظام تربوي سليم يطبق مبدأ الفروق الفردية ويستشعر أهمية إسهامات الطلاب في تنمية المجتمع والرقي بمستويات المعيشة. وأخيراً، تنبع أهمية رعاية المتفوقين والموهوبين من حاجة أي مجتمع لهذه الفئة كقادة للأمة والسير قدماً بالمجتمع إلى مصاف الدول المتقدمة.


الموهبه والابداع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع