مدونة الأستاذ الدكتور أحمد السيد عمر
نواتج التعلم ومخرجات التحصيل التعليمي
الأستاذ الدكتور/ أحمد عبدالرزاق سيدعمر | Prof. Dr. Ahmad Alsayed Omar
23/01/2022 القراءات: 3209
التعليم والتعلّم والتدريس Education, Learning &Teaching
أدركت المجتمعات الحديثة أن اعتمادها على الموارد غير الدائمة في صناعة الحضارة ودخول عالم المعرفة سيكون عائقًا في سبيل تطورها نظرًا لاحتمال نفاذ تلك الموارد في أي وقت، فانتقلت تدريجيًا للاعتماد على الموارد الدائمة، فبعد أن كنا نسمع عن عصور كاملة سميت باسم مصدر طاقة غير متجدد مثل عصر الفحم، وعصر البترول أصبحنا نسمع عن عصر الطاقة الذرية والطاقة الشمسية وهي من الموارد الدائمة التي لا تستطيع دولة أو حضارة احتكارها بشكل كامل.
وكما تعلّمت هذه المجتمعات أن "لا تصنع حضارتك بالاعتماد على موارد قد تنتهي في أي وقت أو تتغير قيمتها"، فقد تعلّمت أيضا "حافظ على تلك الحضارة بنقلها عبر الفكر الإنساني"، فكم من حضارات قد فنيت رغم عظمتها، لفناء العنصر الأساسي في الحفاظ عليها وهو التفكير البشري، فلا حماية لأي مجتمع أكثر من إنسان يحمل فكر هذا المجتمع ويطوره.
ومن هنا نشأت الحاجة إلى وجود نظام يضمن نقل فكر هذا المجتمع من جيل لأخر، فنجد أن أفراد المجتمع الواحد يحملون عناصر فكرية أساسية شكلت وجدانهم، ويتميزون بمهارات وقيم تكاد تكون موحدة باختلاف أشكال التطبيق واختلاف تخصصاتهم العلمية أو العملية ، هذا النظام هو ما يطلق عليه "التعليم"، ومع تشعب المتطلبات المجتمعية والثقافية والوظيفية والمهنية المتعددة بشكل متزايد كل يوم، ظهرت حاجة أخرى أشد إلحاحا من مجرد وجود نظام التعليم الشامل، وهي استمرار أفراد المجتمع في زيادة معارفهم ومهاراتهم بشكل مستمر حتى بعد انتهاء فترة التعليم النظامية، وهو ما أطلق عليه "التعلّم".
ومن هنا فإن مفهوم التعليم Education يتمثل في أنهُ: عملية منهجية منظمة يقوم بها المجتمع تحت إشراف جهات محددة وفي فترات زمنية معينة، لنقل مجموعة مقصودة من المعارف والمهارات والقيم والسمات من جيل لآخر.
كما يمكن أن نقدم التعلّم Learning على أنهُ: عملية مستمرة لاكتساب معارف ومهارات وقيم وخبرات جديدة، تعتمد بشكل أساسي على الفرد مما يؤدي في النهاية لتشكيل خبرات فردية جديدة تختلف من شخص لأخر.
يشترك المفهومان السابقان في العديد من الوجوه، فكلاهما يكون جُل اهتمامه تنمية الإنسان، وكلاهما هو في حقيقته نقل لمجموعة من المعارف والمهارات والقيم، كما يقاس تحققهما بمدى التغير الحادث في سلوك وخبرات الفرد وبالتالي ينعكس على المجتمع ككل.
لكن لو نظرنا بشكل أكثر دقةً لوجدنا العديد من أوجه الاختلاف أيضا، فعملية التعليم تعتمد بشكل كبير على الجهات التي تقدمه، كما تخضع لعدد من الأنظمة والقوانين الحاكمة التي لا يستطيع المتعلّم تجاوزها، وتتم من خلال مجموعة تكاد تكون موحدة من الإجراءات، أيضا هي عملية منتهية يمر بها أفراد المجتمع خلال فترات معينة من حياتهم تنتهي بحصولهم على شهادات باجتياز هذه العملية، وعملية التعليم عملية عامة لا تُنتج أشخاص متميزين عن بعضهم البعض داخل المجتمع الواحد بشكل واضح، وإن كانت تُنتج مجتمعات متميزة عن بعضها حسب نظام التعليم السائد بالمجتمع، فنجد أن نظام التعليم المتقدم يُنتج مجتمع عصري حديث، يتميز أفراده بنفس الخبرات والسمات تقريبا، ونفس الكلام ينطبق على الأنظمة التعليمية التقليدية أو المتخلفة.
أما التعلّم فهو المقياس الأقوى للخبرة الفردية، فهو ما يميز فرد عن فرد آخر، فهو بالأساس عملية فردية قد تبدأ على التوالي بعد انتهاء عملية التعليم وقد تكون موازية له، كما أنها عملية مستمرة تبدأ حتى قبل سن التعليم النظامي وتستمر مع الإنسان، بل قد تتم دون قصد، فالمرور بالمواقف الحياتية المختلفة هو عملية تعلّم وأن كانت غير مقصودة.
نواتج - التعليم - مخرجات - التحصيل - التعليمي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
انجاز رائع في جودة التعليم
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة