التوافق الزواجي كحل لمشكلة الطلاق المبكر
داليا محمد شافع | Dalia mohamed shafee
22/08/2020 القراءات: 3534
الأسرة هى وحدة البناء الاجتماعى الاساسية فى كل المجتمعات الإنسانية وتعتبر الاسرة هى المسئولة عن تنشئة الافراد وإعدادهم إعداداً سليماً وبذلك يكون هناك ترابط مباشر أو غير مباشر بين المشكلات الاجتماعية التى تختلف أسبابها وبين نوع الأسرة التى ينشأ فيها الفرد وذلك لأن صفات الأسرة ونوع العلاقات التى تسود بين أفرادها تنعكس على المجتمع وعلم القيم التى يستند إليها.
ولابد من توافر مجموعة من المقومات الأساسية التى تقوى وتبنى التكامل الأسرى الذى يساعد كل فرد فى الأسرة على القيام بدوره وبالتالى تحقيق وظائف الأسرة, والزواج هو العلاقة الوحيدة الدائمة بين الرجل والمرأة التى يباركها الله تعالى ويقرها المجتمع ويضع الضوابط والمعايير الإجتماعية المنظمة لها.
والحياة الزوجية السعيدة تعمل على إشباع العديد من حاجات الزوجين التى تقوم على الأخذ والعطاء والتعاون المتبادل فيما تتضمنه الحياة من ممارسة للحقوق والواجبات والتى تعتمد على
التفاهم والمجاملة والتعاطف والمودة والرحمة والتقدير والاحترام المتبادل والمواجهة الموضوعية للمشكلات الزوجية المختلفة إلى جانب ذلك فإن السعادة الزوجية تؤدى إلى تحقيق ذاتية الفرد وقلة حدة التوتر والقلق وعدم الرضا ويتوقف نجاح واستمرار الحياة على اختيار الشريك المناسب لأنه هو الأساس الأول فى عملية الزواج فنجاح الأختيار يترتب عليه نجاح الزواج فكثيرا من حالات فشل الزواج ترجع إلى الأختيار غير الموفق للشريك أى عدم تناسب كل من الشريكين لبعضهما سواء ما يتعلق باختلاف الأفق الثقافى للزوجين أو اختلاف المعايير المتعلقة بالدين والأخلاق والسلوك واختلاف المكانة الأقتصادية.
ولكى نتجنب ذلك لابد أن يكون هناك توافق بين الزوجين وذلك لأن الحياة الزوجية تقوم بين طرفين كل منهما قد نشأ فى ظروف تختلف تماما عن الظروف التى نشأ فيها الطرف الآخر ولكل منهما خصائص وشخصية وأنماط سلوكه التى تختلف اختلاف جزئيا أو كليا عن الطرف الآخر وعلى الرغم من كل هذه الأختلافات فإنه لا خوف على استقرار الحياة الأسرية ما دام كل الطرفين قد قبل مشاركة الطرف الآخر وأن الأختيار بينهما قد تم على أسس صحيحة يعتمد عليها دون جهل أو عدم اختيار صحيح لعوامل صلاحية الزواج.
ويعتبر التفاعل الأيجابى الثنائى بين الزوجين والمبنى على المحبة والمودة وإشباع الحاجات الأساسية والثانوية امر ضرورياً لتوفير الأتزان النفسى والأستقرار الأجتماعى والمحافظة عليها أطول فترة ممكنة فى نطاق أى أسرة تجمع بين الزوج والزوجة ومن ثم يمكن للعلاقات الزوجية أن تستمر بين الطرفين بدرجه عالية من التوافق الأسرى السوى طالما أنها توفر لها الإشباعات التى يحتاج إليها كل منهما بلا خلافات ولا إضطربات حادة تؤرق حياتهما فالإشباعات والمكاسب والفوائد التى يحققها الزوجان يعتبر بمثابة تدعيم وتعزيز لأستمرارية حياتهما الزوجية.
وبذلك نجد أن التوافق الزواجى marital adjustment أومايطلق عليه حديثاً جودة الزواج quality of marriage نمط من التوافقات الأجتماعية التى يهدف من خلالها الفرد أن يقيم علاقة منسجمة مع قرينه فى الزواج مما ينتج عنه حالة من الرضا الزواجى.
ووجود علاقة أنسانية طبيعية بين الزوجين له أهمية كبيرة حيث يمكن أن يقدم الزوجين لأطفالهما نموذج طيب سليم من العلاقات الأسرية والتفاعل الأسرى كما يؤثر الزوجان بهذه العلاقات فى حياة الطفل وتوافقه النفسى والأجتماعى, فالوالدان بالنسبه لطفليهما هما مفتاح الحياة وبذلك يستطيع الطفل مواجهة مستتقبله بطريقة أكثر إيجابية.
وتطلعنا الأحصائيات على حقائق مزعجة عن أرقام مذهلة فيما يتعلق بالطلاق, ولا تعتبر تلك المشكلة محلية ولكنها تنتشر أيضا فى الدول العربية وأيضا تنتشر فى بعض الدول الأوربية .
ويرجع أرتفاع نسبة الطلاق إلى أسباب كثيرة منها تدخل الأهل والإعلام وتأثيره الخطير على الأسرة وعدم الوعى بمفهوم الأسرة ومتطلبات الحياة الأسرية من جانب الزوج والزوجة.
فنحن بحاجة إلى توعية وثقافة يتعلم من خلالها الشباب كيف يكون زوجاً وأب وتتعلم الفتاه كيف تكون زوجة وأم.
وعلى الرغم من أن التصدى للأعمال الهامة يأتى بعد التأهيل والتدريب والأستعداد المناسب لكن الحياة الزوجية على الرغم من أهميتها يدخلها الشاب والفتاة دون توفر برنامج تأهيل ودون الحصول على مستوى من الثقافة والمعرفة لطبيعة هذه العلاقة الزوجية ووظائفها وآدابها ومواجهة ما قد يعترضها من عراقيل وصعوبات .
ومع أهتمام الدولة بتلك المشكلة من خلال إنشاء مراكز رعاية الأسرة وفحص الراغبين فى الزواج ولكن لايهتم بالأرشاد الزواجى Marriage Counseling الذي يتعدي مرحلة الأسترشاد بالأهل والأصدقاء إلى الأرشاد التخصصى وهو عملية مساعدة الفرد فى اختيار زوجه والأستعداد للحياة الزوجية والدخول فيها والأستقرار والسعادة وتحقيق التوافق الزواجى وحل ما قد يطرأ عليه من مشكلات زواجية قبل الزواج وأثناءه وبعده بهدف تحقيق سعادة الأسرة الصغيرة والمجتمع الكبير.
وشهدت عملية إعداد وتحفيز المقبلين على الزواج أهتماماً بالغاً فى السنوات الأخيرة وذلك بسبب الفشل الزواجى Marital Failure للأزواج والذى يؤدى فى النهاية إلى أرتفاع نسب الطلاق لذا كان لازما على الأفراد والمؤسسات المعنية بذلك البحث عن وسائل وطرق لجعل الزواج أقل تفككا خاصة أن أسباب الفشل الزواجى ترجع إلى بدء الأزواج حياتهم الزوجية دون الإلمام بالمعرفة والمهارات التى تحافظ على العلاقة الزوجية فى حالة جيدة ولهذا فإنه يجب التشديد على عملية تأهيل المقبلين على الزواج لجعل حياتهم الزوجية أكثر مغزى وأقل تفككا.
التوافق الزواجي الطلاق المبكر التأهيل والارشاد الزواجي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
احسنت النشر دكتورة دالية .. الارشاد الزواجي اصبح ضرورة وحاجة ملحة في ظل اللرتفاع الهاىل لحالات الطلاق..وحتى الخلع.. رحم الله الزمن الجميل..جيل اجدادنا وآباءنا كانوا يعرفون قيمة الاسرة ..ويقدسون الزواج.. فاظفر بذات الدين تربت يداك..💖
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سعادة الدكتورة داليا محمد شافع.. مقال ممتاز، ومشخص لواقعنا كمجتمع عربي، وقد تقلص دور الأسرة في هذا الجانب، وبالذات الأم، والتي يقع العبء الأكبر في تهيئة البنت لتصبح زوجة صالحة وأما مستقبلية، وتوصيها بالصبر والتحمل حتى تمر السنوات الأولى للزواج بسلام واستقرار، وبعدها ليس هناك خوف على مثل هذه الاسرة. زادك الله علما وتقى ورفعة ونفع بك وبعلمك يادكتورة.
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة