اللسانيات الحديثة واللسانيات القديمة مقاربة تراثية
أ.د.عبدالله محمد بن شهاب | prof.dr.Abdullah Mohammad Zain bin Shehab
19/03/2024 القراءات: 721
ليست اللسانيات حكرا على الحداثة وحدها،وليست الدراسات الألسنية يدور فلكها في الفكر الغربي،فمن يقرأ بتمعن وبتجرد في كتب أسلافنا العرب يلفي أن أغلب الأفكار الألسنية التي يتشدق بها المتشدقون موجودة في هذه الكتب التي من أبرزها :كتاب الخصائص لابي الفتح ابن جني و دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة للإمام أبوبكر عبدالقاهر الجرجاني ،ومنهاج البلغاء لحازم القرطاجني ونقد الشعر لقدامة بن جعفر وغيرها كثير .
فمن يستعرض آراء البنويين والشكلانيين وأصحاب النحو التوليدي التحويلي تجد أن كل آرائهم مبثوثة في هذه الكتب ونقول ذلك من غير مبالغة.
إن مهمة اللسانيين الحداثيين اليوم الكشف والاستكشاف عن جذور الفكر اللساني في التراث العربي الأصيل وأولى طرائق هذا الاستكشاف دراسة المصطلح اللساني العربي الأصيل ودراسة مايقابله في مصطلح البنويين والظاهراتيين والتفكيكيين وحينها سنعرف بما لا يدع مجالا للشك أن سوسير وهاريس وسابير وهنري فليش وبرجشتراسر وتروبوتسكي وتشومسكي وغيرهم كثير قد قرؤوا تراثنا العربي قراءة تحليلية واعية وأخذوا منه ما أخذوا وأعطوه رونقا ودبجوه بعباراتهم ومصطلحاتهم التي بات كثير منا يجري خلفها ناسيا وربما متناسيا أصلها العربي الأصيل .
لانقول ذلك تقليلا في شأن الدراسات الألسنية الحديثة وروادها لكن واجب علينا القول إنه يتحتم علينا ألا نبهر ونندهش بها ونحسب أن علماءنا كانوا فب غفلة عنها .
وإن حصل هذا فينا فبسبب ابتعادنا وبعدنا عن قراءتنا لتراثنا الزاخر الزاهر الذي حوى بين جنباته درر ولآلىء وجواهر ثمينة إذا لم نتتبعها ستضيع علينا.
وإنني في هذا الإطار أوجه دعوة عاجلة لباحثينا تتجسد في سرعة قراءة التراث وبخاصة دلائل الإعجاز و أسرار البلاغة الذين لم يعطيا حقهما من الدراسة تمحيصا وتنقيحا وتحليلا في ما أرى واعتقد.
فعبدالقاهر يظهر لنا من خلالهما فهما جديدا ونظرة مستجدة تتوافق مع الدراسات الالسنية الحديثة في علم الدلالة بما يحتويه من تداوليات وأسلوبيات وعلم النص ونحو الجملة بكل مستوياته وتحليلاته.
اللسانيات ، عبدالقاهر الحرجاني، االمصطلح اللساني
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع