القراءة بين الفهم والعمل، والعمل بين الفهم والقراءة
09/11/2020 القراءات: 971
هناك مجموعة من الآيات تستحق وقفة وتدبر وتفكر: -قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13]. -قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] -قال تعالى: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [الأنعام: 97] -قال تعالى: { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 7] -قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] في الآية الأولى لفت النظر للحذر والتبصّر؛ فقد نظن أننا من أهل العلم وأننا نمضي في الطريق الصحيح، ولكن سرعان ما نجد أن على أعيننا غشاوة تحجب عنا الحقيقة بأننا نزيّن لأنفسنا منزلة ومرتبة ونحن لسنا بأهل لها، عرّف شيخ المفسرين الطبري بقوله "السفيه: الجاهل، الضعيفُ الرأي، القليلُ المعرفة بمواضع المنافع والمضارّ" تفسير الطبري (1/ 293)، ومن جميل ما قال الشيخ السعدي في تفسيرها: "إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس، أي الصحابة رضي الله عنهم، قالوا بزعمهم الباطل: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون - قبّحهم الله - الصحابة رضي الله عنهم، بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان، وترك الأوطان، ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك، فنسبوهم إلى السفه، وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى. فرد الله ذلك عليهم، وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة، لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه، وسعيه فيما يضرها، وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل والحجا، معرفة الإنسان بمصالح نفسه، والسعي فيما ينفعه، وفي دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على الصحابة والمؤمنين وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان، لا بالدعاوى المجردة، والأقوال الفارغة" تفسير السعدي (ص: 43). في الآية الثانية تشنيع على مَن يعقل ويفهم ولكن يترك العمل والتطبيق، فالمثل الذي ضربه الله تعالى عن بني اسرائيل "يقول لنا إياكم وأن تكونوا مثلهم"، فهم ضلوا عن علم بمعنى أن العلم وحده ليس باب النجاة والنجاح؛ وإنما الفهم والعمل بعد العلم هما ثمرة الثبات والعبور، كتب محمد رشيد رضا في تفسيره عن الآية "(مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ) نَصٌّ فِي التَّعَمُّدِ وَسُوءِ الْقَصْدِ، وَإِبْطَالٌ لِمَا عَسَاهُ يُعْتَذَرُ لَهُمْ بِهِ مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ. ثُمَّ قَالَ: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أَيْ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِعْلَتَهُمُ الشَّنْعَاءَ فِي حَالِ الْعِلْمِ بِالصَّوَابِ وَاسْتِحْضَارِهِ، لَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نِسْيَانٍ أَوْ ذُهُولٍ، وَفِي هَذَيْنَ الْقَيْدَيْنِ مِنَ النَّعْيِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ وَقَدْ بَطَلَ بِهِمَا عُذْرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَسَجَّلَ عَلَيْهِمْ تَعَمُّدَ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ!" تفسير المنار (1/ 295). يتبع في مقال آخر تتمة باقي الآيات إن شاء الله
الفهم، العلم، العمل، القراءة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة