مدونة د.نعيمة ابو حسنة


التنمية البشرية Human Development

د.نعيمة ابو حسنة | DR.NAEMA ABO HASNA


20/09/2021 القراءات: 5133  


التنمية البشريةHuman Development:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستند مفهوم التنمية البشرية من الناحية النظرية، على المساهمات التي قدمها أمارتيا صن، الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1998، والذي طور مفهوم "الاستحقاقات" كمعيار لقياس رفاهية البشر. ويقصد بالاستحقاقات تلك الحقوق الجوهرية التي ينبغي أن يتمتع بها البشر، وتشتمل بمفهومها الواسع، على الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتوفير الفرص للإنتاج والإبداع وتوفير الفرص لتحقيق الذات واحترامها وتوفر الفرص للعيش حياة طويلة وصحية، وتوفرالفرص للحصول على مختلف أنواع المعارف وتوفر الموارد اللازمة لمستوى معيشي لائق (صن، 11 )
ويذكر تقرير التنمية البشرية لعام 1990 الذي أصدرته الأمم المتحدة أن التنمية البشرية تعنى بتوسيع الاختيار أمام الأفراد وذلك بزيادة فرصهم في التعليم والرعاية الصحية والدخل والعمالة .
وكانت النظرة إلى التنمية البشرية، وحتى وقت قريب، نظرة متحفظة يشوبها سوء الفهم والحذر إذ صورت على أنها في تركيزها على التوزيع تعيق النمو وتوليد الدخل، وصورت أيضاً على أنها تنمية قطاعية، أي أنها تهتم بالاستثمارات في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. وشكك في صلاحية استراتيجيات هذه التنمية البشرية المجتمعات الفقيرة بسبب أن هدفها النهائي هو تلبية الاحتياجات الأساسية للناس.
وناقش تقرير التنمية البشرية لعام 1992 الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت في العام نفسه هذه التحفظات وفندها فيما يلي :
1- إن التنمية البشرية تهتم بتطوير القدرات الإنسانية كما تهتم باستخدام هذه القدرات في الإنتاج. ويتطلب الاهتمام الأول الاستثمار في الناس، بينما يتطلب الاهتمام الثاني مساهمة الناس في نمو الناتج القومي الإجمالي والعمالة.
2- التنمية البشرية تعني التنمية للناس بما في ذلك إيجاد فرص اقتصادية للجميع. كما تعني أيضاً التنمية بواسطة الناس، مما يتطلب إتباع أساليب المشاركة الديمقراطية تكافؤ الفرص.
3- تقع الاهداف الإنسانية في مركز استراتيجيات التنمية البشرية، وهي تتراوح ما بين الأهداف الأساسية لبقاء الإنسان في الدول الفقيرة وبيم جدول الأعمال المتطور للإنسان في المجتمعات الصناعية. فأهداف الناس إذن تقع في مركز استراتيجيات هذه التنمية، لكن هذه الأهداف تختلف في المراحل المختلفة للتنمية.
وقد طور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤشراً مركباً لقياس التنمية البشرية، استند على الاستحقاقات الثلاثة التي ذكرها صن والمتعلقة بالحالة الصحية (كما يقيسها العمر المتوقع) والتعليم. كما يقيسه مؤشر مركب من معدل معرفة القراءة والكتابة بين الكبار والتحصيل العلمي) ومستوى لمعيشة (كما يقيسه متوسط دخل افرد). وعلى الرغم من أن هذا ليس مقام الحديث المطول حول مؤشر التنمية البشرية إلا أنه ربما كان من المناسب ملاحظة أن تقرير التنمية البشرية يرتب الدول على أساس هذا المؤشر الذي تتراوح قيمته بين الواحد الصحيح (أعلى إنجازات التنمية البشرية) والصفر (أدنى مرتبة في الإنجاز).

**أثر التعليم على التنمية البشرية:
فالتعليم يؤثر على السلوك الثقافي والاجتماعي للأفراد، حيث يتبين :
1) من خلال دراسة العلاقة بين الخصوبة والأمية يتضح ان هنالك ارتباطاً موجباً فزيادة نسبة الأمية تؤدي إلى زيادة معدل الخصوبة، وارتفاع المستوى التعليمي للمرأة يؤدي إلى انخفاض معدل الخصوبة.
فالتعليم يؤثر على الخصوبة من خلال تأخير سن الزواج وزيادة استخدام موانع الحمل. تجدر الإشارة إلى أن معدل الخصوبة يتأثر بعوامل اجتماعية وثقافية متعددة لكن للعامل الاقتصادي (المتمثل في تكلفة الإنجاب وارتفاع تكلفة الفرصة البديلة لوقت الأم) دوراً هاماً في ذلك ويعكس هذا الدور تجربة الدول المتقدمة التي تنخفض فيها معدلات الخصوبة.
كما يخدم التعليم غرضاً اجتماعياً هاماً، فلا ينظر للتعليم على أنه وسيلة لزيادة المهارة التي تتطلبها عملية التنمية، لكنه أيضاً وسيلة لمنح أفراد المجتمع الفرصة للتقدم المادي والاجتماعي، فللتعليم دور هام في خلق الإنسان النافع المنتج والمواطن الصالح. فكلما زاد عدد المتعلمين ارتفع مستوى التفكير العلمي والمنطقي لدى أفراد المجتمع، مما يسهم في عملية التغيير الاجتماعي التي تشكل الشرط الضروري للتحضر والتنمية في المجتمع.
2- ويعد التعليم من وجهة النظر الاقتصادية سلعة استثمارية واستهلاكية خاصة وعامة في الوقت نفسه، فهو سلعة استهلاكية خاصة لمنافعه المباشرة حيث يشبع حاجة أصيلة لدى الفرد في المعرفة، وسلعة استثمارية خاصة لأنه يعود على الفرد بزيادة في الدخل عن طريق تحسن قدرة الفرد الإنتاجية. وهو سلعة عامة نظراً لما له من آثار خارجية مفيدة للمجتمع (العيش في وسط متعلم أفضل) لذا لا يترك عادة لاقتصاد السوق.
3- كما يسهم التعليم في تماسك النسيج الاجتماعي، ولن يكون بإمكان دولة تتزايد فيها الفجوة بين الأغنياء والفقراء أن تقيم نظاماً سياسياً مستقراً، فالتفاوت الطبقي يمثل خطراً على الأمن والسلام في الشوارع، ويدعو الفقراء إلى التحول للعنف كما حدث في كثير من الدول النامية، خصوصاً أن العولمة وانفتاح الاقتصادات الوطنية على بعضها سيزيد من الحساسيات بين زيادة الدخول وتفاقم اللامساواة، ولن يكون بمقدور اقتصاد السوق أن يعالج هذه المشكلة خصوصاً أنه سيكون من الصعب على ذوي المهارات المنخفضة الانضمام إلى ميدان السباق الاقتصادي.


التنمية البشرية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع