مدونة ا.د.عبد المنعم محمد حسين حسانين
هرم القيم المقلوب في عالمنا العربي : بين السعادة الزائفة والشقاء الدائم للفرد في المجتمع
ا.د.عبد المنعم محمد حسين حسانين | Prof.dr.Abdelmonem Mohamed Hussien Hassaneen
06/07/2024 القراءات: 471 الملف المرفق
هرم القيم المقلوب في عالمنا العربي : بين السعادة الزائفة والشقاء الدائم للفرد في المجتمع
اعداد
ا.د.عبد المنعم محمد حسين حسانين
جامعة الوادي الجديد – كلية التربية
رغم تردد- الكاتب - المستمر في الكتابة في مثل تلك الموضوعات التي تدعو للتشاؤم في الحاضر والمستقبل إلا أن السؤال الذى ظل يراود- الكاتب- وكان دافعا له لكتابة ذلك المقال في محاولة للتوصل لإجابة مقنعة له هو :ماهي المظاهر الدالة على انقلاب الهرم القيمي في عالمنا العربي ؟وماهي تداعياته السلبية على الفرد والمجتمع ؟ وفيما يلى عرض مختصر لمناقشة جادة لمكونات السؤال السابق :
أولا: المظاهر الدالة على انقلاب الهرم القيمي في عالمنا العربي :
1- الصمت المطلق للعالم العربي بغالبية مجتمعاته في مواجهة إسرائيل وحلفائها والرد المناسب على حرب الإبادة الجماعية لجماهير إخواننا في غزة وفلسطين وكأن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية وحق الشعوب في الحياة أصبحت لا وجود لها في عالمنا العربي .
2- أصبح الشباب الذي يتمتع بلسان يحمل على أطرافه ألفاظ خارجة هو الشباب الكول والرِوش بلغتهم - لماذا ؟؟ الإجابة ببساطة لأن الهرم أصبح مقلوبا رأسا على عقب .
3- أصبح هناك غفلة عن تمكين المرأة من دورها التي كانت تقوم به بفطرتها في حين أن صور التمكين الأخرى هي التي ظهرت على السطح ، وإن كنت لست ضد تمكين المرأة ولكن الإطار الضابط هنا إحداث حالة من الوعي بما لها وما عليها ، فهذا هو الضابط الحقيقي للتمكين ، ولذا أجد أن الهرم مقلوب في دور الأم تجاه أبنائها في بعض الأسر ولا أريد أن أقول غالبية أو معظم الأسر ، هذا الذي من شأنه أن أوجد في المجتمع صور عديدة من الشباب المستهتر غير الواعي بدوره الحقيقى في المجتمع
4- وإذا نظرنا إلى المدرسة وهي الجهة الثانية المنوط بها تربية النشء ولكنها للأسف أصبح الهرم فيها مقلوب ، فلم يعد هناك المدرس القدوة الذي يترك الأثر في نفوس وعقول الطلاب ، ولكن وجد المدرس الذي يأخذ من الطالب أموال مقابل الدروس الخصوصية ، ولذا فقَد الكثير من سلطاته كمربي وأيضا من هيبته
5- أما إذا نظرنا إلى المسجد فالهرم أيضا مقلوباً ، فلم يعد له دور حقيقي وفعّال في تربية النشئ فالخطاب الديني في وادٍ وعقول النشء في وادٍ آخر ، ونلاحظ أنه للأسف إذا وجد بعض النشء يرتاد المسجد للصلاة لا يسلم من سخرية أقرانه وتهكمهم لذا أقول أن الهرم أصبح مقلوباً .
6- أما الإعلام فحدث ولا حرج فلا يوجد برنامج واحد يُعلم الشباب فن الحوار وثقافة قبول الرأي الآخر وإدارة الاختلاف ،
7- كان لأهل الشارع وجماعة الأصدقاء وجماعة النادي دور في التربية والتوجيه ، كان هناك من يقول للطفل أو الشاب هذا عيب وغلط ،
ثانيا : التداعيات السلبية لهرم القيم المقلوب في عالمنا العربي:
أليس هذا هو الواقع المرير الذي أصبح يعيشه قطاع كبير من شبابنا ، ثم نأتي بعد ذلك لنقول أن هناك انهيار قيمي وأخلاقي له العديد من التداعيات السلبية على الفرد والمجتمع في عالمنا العربي لعل منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى :
1- الشقاء الدائم في الحياة وتأنيب الضمير الملازم للفرد والذى يجعله في حالة قلق دائم ومستمر في حياته رغم أنه يوهم نفسه بسعادة وأنه يساير متطلبات العصر الحاضر ويرى أن مسايرة الظروف الحاضرة ضرورة رغم أنه لا يؤمن أو يقتنع بصحتها منطقيا وبذلك فإن سعادته بهذا المعنى هي سعادة زائفة غير حقيقية .
2- انخفاض مستوى الطموح لدى الفرد في تحقيق احتياجاته في الحياة ويصبح أقصى طموح لدى الفرد – الذى ليس لديه قيم حقيقية توجهه – هو: بعض الاحتياجات البيولوجية للحفاظ على الحياة خاصة الحاجة للطعام ويعيب عنه الاحتياجات الأخرى المطلوبة للشخص السوى والذى أشار إليها : ماسلو في هرم الاحتياجات الحيوية ومنها : الحاجة للأمن –الحاجة للمجتمع –الحب وانتماء –الحاجة للتقدير(الاحترام)-
ويأتى في رأس الهرم: إدراك الذات "تحقيق الذات".
3- لعل تلك التداعيات السلبية وغيرها الكثير تؤثر على المجتمع بأسره بالسلب باعتبار أن المجتمع هو :مجموع أفراده وتكون المحصلة نتيجة : "انهيار القيم " انهيار للمجتمع وتخلفه وتبعيته للمجتمعات الأقوى .
ثالثا : من المسؤول عن انهيار القيم وما الحل المناسب
لعل السؤال الآن : من المسئول عن انهيار الهرم القيمي في عالمنا العربي ؟ لعل الإجابة واضحة الكل مسئول : الأسرة – المدرسة – الإعلام – المسجد - جماعات النادي والأصدقاء وغيرهم كثير وذلك يدعو لضرورة الاهتمام بالقيم كمدخل للتربية وإصلاح نظامنا التعليمي وتمكين الأسرة من تربية أبنائها وكذلك الأمر بالنسبة إلى المدرسة والمسجد والإعلام عليهم أن يقوموا بأداء أدوارهم فهذا من شأنه أن يخلق نموذج قدوة حقيقي يتحلى بالقيم والمُثل العليا وعندها سيكون لدينا جيل يتسم بالقيم والأخلاق وجدير بالتقدير والاحترام ، ولكن يجب أن نعدل الهرم أولا لنعود من أرض التيه وعندها سنربي جيل يكون بمثابة الشموس المضيئة حقاً .
.مراجع
1- سحر فؤاد (أكتوبر, 2019): الهرم المقلوب ، مقال منشور في موقع : مركزMessageللتأهيل والتدريب المهني.
2- عبدالمنعم محمد حسين وعبدالله بن سيف التوبي (2003م) ، دور الكتب المدرسية للعلوم بالمرحلة الإعدادية بسلطنة عمان فى تنمية وإكساب القيم الإنسانية، دراسة منشورة في حولية كلية التربية بجامعة السلطان قابوس
3- أبراهام ماسلو (1943 "A theory of human motivation". Psychological Review. 50 (4): 370–96. معرف الوثيقة الرقمي:10.1037/h0054346 – via psychclassics.yorku.ca نسخة محفوظة 22 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
القيم - هرم القيم المقلوب
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة