مدونة هادي الشيب


صفقة القرن في ظل حكم ترامب

هادي الشيب | Hadi Sheeb


09/10/2020 القراءات: 990  



خصوصية منطقة الشرق الأوسط وما تحويه من أهمية إستراتيجية في العقلية الأمريكية، تفرض على السياسة الخارجية والزعماء الأمريكيون التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في حل النزاعات والصراعات في الشرق الأوسط، انطلاقا من محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي والمتمثلة في؛ الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد المنافس الأول لها في الشرق الأوسط روسيا، ومن جانب أخر الحفاظ على الحليف الإستراتيجي الوحيد والمتمثل في دولة"إسرائيل"؛ المنحازة للمصالح الغريبة في الشرق الأوسط وبحكم موقعها في المنطقة بأن تلعب (دور حارس الاستقرار (الشرطي الأمريكي في المنطقة في محيطها الجغرافي الممتد حول الشعوب العربية والإسلامية، كما يتمثل هذا الدور في حماية الأنظمة القائمة، فهي ضد أي تقدم راديكالي أو ديني.
ومع فوز دونالد ترامب مطلع العام 2017 دفعت الكثير من المحللين والباحثين للحديث عن الموقف المستقبلي للولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: هل سيكون موقفاً محايداً؟ وهل ستعلن نهاية «حل الدولتين»؟
القضية الفلسطينية في عهد ترامب
بدا دونالد ترامب منذ اللحظة الأولى من ظهوره كمرشح رئاسي عن الحزب الجمهوري الأمريكي، شخصاً غير اعتيادي ومختلف من حيث أرائه السياسية والاقتصادية و رؤياه للأحداث في العالم. سبق لترامب أن عبّر عن الموقف ونقيضه مرات عدة أثناء حملته الانتخابية؛ فقد اعتبر نفسه الشخص الأكثر تأهيلًا لتحقيق "السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، وأنه سيكون "محايدًا" بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ففي ديسمبر 2015 تحدث ترامب إلى وكالة أنباء (اسوشيتدبرس) مدعياً أنه سيكون محايداً في الصراع بين الطرفين، وأشار إلى أن شعوره بعدم تقديم إسرائيل لتنازلات لن يؤدي لسلام في المنطقة. في المقابل أشار إلى أن إسرائيل لا تريد السلام هذه المرة الاولى الذي يقلب بها السياسة الامريكية رأس على عقب تجاه الموقف الأمريكي الراسخ لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
منذ مارس 2016، عندما ألقى خطابًا أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية "إيباك" في واشنطن، أعلن فيه أنه "في اليوم الذي سأصبح فيه رئيسًا، فإن معاملة إسرائيل كمواطن من الدرجة الثانية ستنتهي". كما تعهد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب "إلى العاصمة الأبدية للشعب اليهودي، القدس. كما كشف عن تخليه الصريح عن خيار حل الدولتين، وهو الخيار الذي تبناه ثلاثة من أسلافه و الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بكونه السبيل الوحيد لإنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين .
تحدث من جديد في مايو 2016 لصحيفة "ديلي ميل" بالقول :"قد يكون الحياد أمراً غير ممكن، وعلى إسرائيل السير قدماً في بناء المستوطنات في الضفة الغربية". وكان ترامب في ديسمبر 2016 وجه انتقادات حادة لإدارة سلفه باراك أوباما بسبب عدم استخدامها حق النقض (الفيتو) لوقف تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان الإسرائيلي .
السياسة الخارجية الأمريكية في عهد دونالد ترامب تجاه القضية الفلسطينية
تجاهل ترامب القضية الفلسطينية في خطابه الرئاسي الأول، ما أعطي انطباعاً أولياً بانحيازه لجهة منح إسرائيل كبرى صفقاته عبر تحقيق ما تريد من الاستيطان وتحويل القدس عاصمة للدولة اليهودية ومنح الفلسطينيين مساحات صغيرة وتحميلهم المسؤولية عن فشل التسوية.
لم يطل التجاهل، فسرعان ما أثارت مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة والبيت الأبيض بعد تولى دونالد ترامب بما يخص القضية الفلسطينية ومشاريع التسوية والمفاوضات، أثارت جدلاً واسعًا من بين حزمة القرارات التي اتخذها ترامب خلال الشهر الأول من تسلمه للرئاسة، وكان من أهمها قضيتان:
- الأولى: تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب خلال رسالة نشرتها صحيفة "إسرائيل هايوم" العبرية العمل لتحقيق السلام العادل والدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، معتبرا أن "إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". موضحا أن أي اتفاق سلام "يجب أن يتم التفاوض عليه بين الطرفين وألا يفرض عليهما من قبل الآخرين"
- الثانية: وهي تأكيد البيت الأبيض أن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين كأساس لحل الصراع بين فلسطين وإسرائيل والتوصل إلى اتفاق سلام بينهما، بل ستدعم أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان أيًا كان هذا الاتفا .وبهذا "سجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمايزا جديدا في السياسة الأمريكية حيال الشرق الأوسط بعدما أكد أن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي و أنه منفتح على خيارات بديلة إذا ما كانت تؤدي إلى السلام. وكان جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين قد دافعوا عن حل الدولتين، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين.
فيما يتعلق بالمقترحات والجهود الدبلوماسية للخارجية الأمريكية بإنعاش عملية السلام، فقد أفصح الرئيس ترامب في مقابلته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوسائل الاعلام خلال هذه الزيارة، عن نيته عقد مؤتمر موسع في واشنطن في صيف هذا العام تحضره عدة دول عربية وطرفي الصراع، إسرائيل والفلسطينيين، لبدء المفاوضات وانجاز تسوية مرضية للطرفين، بحيث سيتولى الرئيس ترامب مهمة الضغط على إسرائيل فيما ستتولى الدول العربية مهمة الضغط على الفلسطينيين لإنجاز الصفقة المأمولة .
صفقة القرن تتمحور حول:
1. استكمال بناء الدولة العبرية اليهودية على ما تُسميه الصهيونية العالمية أرض “إسرائيل” التوراتية “إيرتز إسرائيل”، وهى تمتد من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، وبالطبع تضم الضفة الغربية أو يهودا والسامرة، والقدس الموحدة عاصمة لها.
2. تصفية ما تبقى من الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، عبر التوسع في سياسة الاستيطان اليهودي في الضفة، وعمليات تهويد القدس، ودمج من يمكن دمجهم من الفلسطينيين في كيان دولة الأردن، ومن يتبقون يمكن دمجهم في المجتمع الإسرائيلي بأوضاع عرب 48 نفسها، مع إعطائهم بعض حقوق الإدارة المدنية المحلية


صفقة القرن


مواضيع لنفس المؤلف