مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


أسباب تنامي ظاهرة الفساد الاداري والمالي - قراءة قانونية

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


17/10/2024 القراءات: 1182  


كان الفساد يعتبر في الماضي ظاهرة متفشية لدرجة أن معالجتها كادت تُشكِّل تحدياً لا يمكن التغلب عليه. غير أن المجتمع الدولي شهد، خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، تغيراً ملحوظاً وإيجابياً في الكفاح العالمي ضد الفساد. قبل هذا التغيير الهائل، لم تكن البلدان راغبة حتى في البحث بأمر الفساد، وكانت تعتبره مشكلة داخلية ليس إلا. هناك اليوم عدد كبير من التجمعات والآليات المتعددة الأطراف التي أنشئت خصيصاً لمعالجة مشكلة الفساد. قبل خمس عشرة سنة، كانت الدول تسمح باقتطاع ضريبي للرشاوى المدفوعة للرسميين الأجانب. أما اليوم، فيعمل عدد متزايد من الدول معاً لمقاضاة هذه الرشاوى. والحقيقة، أن بعض البلدان كانت تقول، عن خطأ، قبل خمس عشرة سنة، إن الفساد كان في الواقع أمراً مقبولاً في بعض الأجواء الثقافية، أو لهدف تسهيل الأعمال في البلدان النامية. لا أحد يجرؤ اليوم على قول ذلك. تتصف أعمال الفساد بالسرية وعدم البوح بها وغالباً ما يتم اكتشافها وفضحها من خلال أجهزة الدولة الرقابية أو الإعلامية أو القضائية. وتنطوي عمليات الفساد على الخديعة والتحايل والقفز على القانون وخاصة في حالة عدم إلتزام الدولة ومؤسساتها بالنظام والقانون. وتعتمد أغلب أعمال الفساد على استغلال السلطة والنفوذ الذي يتمتع به الفاسدين. وفي أكثر الأحوال قد يشترك أكثر من شخص بعمل الفساد، وقد يكونوا مجموعة موزعة أفرادها في أجهز الدولة المختلفة ومترابطة ومتشابكة وذلك لتحقيق أرباح مشتركة. ويتصف الفساد بعدم العشوائية فله نظاماً محكماً يجعله مستعصياً من الاقتراب منه وله شبكة مترابطة سرية متغلغلة في شتى المجالات. وعلى الرغم من تصاعد واتساع سياسات الانفتاح الاقتصادي، والنشاط الاقتصادي المتزايد لرفع القدرة التنافسية للمنتجات، والذي ترافقه حركة الأموال، وحركة غسيل الأموال، المتصلة بالجريمة المنظمة، وتشديد الرقابة على الحدود الدولية لمنع الهجرة والتهريب. إلا أن ظاهرة الفساد منتشرة في كافة بلاد المعمورة، دون النظر إلى أنظمتها السياسية، فهو موجود في الجمهوريات الديمقراطية. والديكتوريات العسكرية. وفي النظم الاقتصادية المختلفة من الاقتصادات المفتوحة إلى الاقتصادات المغلقة ذات التخطيط المركزي (على قلتها) كالصين وكوريا الشمالية وكوبا. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، ومع انتشار تلك الدعوات المشار إليها سابقا تصاعد الفساد في جميع أنحاء العالم إلى درجات غير مسبوقة، ولذلك تزايد الوعي في سبيل مكافحته. وأظهرت الأبحاث العديدة التي نشرت من قبل المؤسسات المتخصصة على التكاليف الباهظة التي يتطلبها القضاء عليه. كما على دوره في إعاقة النمو الاقتصادي وتخريب التنمية الاقتصادية. وانعكاس ذلك على الوضع الاجتماعي في اي بلد يعاني من تلك الآفة الخطيرة والمسماة بالفساد. لقد حملت موجة العولمة بعد انتهاء الحرب الباردة بروز ظاهرة الشركات المتعدية الجنسية، التي تبلغ رأس مالها ودورتها الاقتصادية تريليونات الدولارات، مما يجعلها تسيطر في الواقع على مجمل الاقتصاد العالمي. كما رافق ذلك تغير في آليات الاقتصاد التقليدي السابق، مما يجعل الاقتصاد العالمي الحالي اقتصادا جديدا يختلف عما سبقه، مع تعزيز وتشديد وتصعيد للاستغلال الرأسمالي، مما يتبعه حتما انتشار للفقر لا مثيل له، في كل أرجاء العالم. وهناك من يحاول أن يحدد ابرز الأسباب التي تؤدي إلى تفشي ظاهر الفساد داخل الدولة إلى مجموعة من العوامل الأساسية ومن بينها ما يأتي: 1. ضعف مؤسسات المجتمع المدني. 2. تهميش دور المؤسسات الرقابية، وقد تكون تعاني من الفساد هي نفسها. 3. تهميش السلطتين التشريعية والقضائية. 4. وجود الدولة البيروقراطية وغياب الدولة الديمقراطية. 5. حصول فراغ في السلطة السياسية ناتج عن الصراع من أجل السيطرة على مؤسسات الدولة. 6. غياب مؤسسات المجتمع المدني أو تهميش دورها في حياة البلاد. 7. تحكم السلطة التنفيذية بالحياة السياسية والاقتصادية للبلاد. 8. غياب المنافسة السياسية الفعالة وانعدام الحريات الحزبية. 9. توفر البيئة التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تنتج الفساد.


ظاهرة الفساد، مكافحة الفساد المالي والاداري، التشريعات الوطنية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع