مدونة ياسر الدالي


التربية .. بين عجز المحاضن، وقصور التأهيل

ياسر الدالي | Yasser Addali


18/12/2021 القراءات: 4854  


*التربية .. بين عجز المحاضن، وقصور التأهيل (1).* ✍️ ياسر الدالي.
التربية مهمّةٌ شاقةٌ بكلّ معنى الكلمة، لكن مَن احترفها يجِدُ حلاوتها، ويستعذبُ في سبيلها كلَّ المشاق والصعوبات، وذلك بمجرد أن يرى تلك الثمار اليانعة بين يديه كنتيجة طبيعية لتلك الجهود المخلَصة التي بذلها. وبلا شك فإنّ مما يصعّب علينا - نحن التربويين - مهمّتنا التعليمية والتربوية في مواجهة هذه الفوضى الخلّاقة التي انتشرت بسبب غياب النظام والقانون والدولة، هو ضعف المؤسسات التعليمية والتربوية، وقصور التأهيل لكوادرها، ومع هذا تسير الجهود في أدنى درجاتها، وباعتقادي ستظل المعاناة قائمة، والمشكلة لم تحل، ما لم يلتفت القائمون على هذه المؤسسات إلى جذور المشكلة. إنّ حلَّ هذه المعضلة يحتّم على أهل الاختصاص، والقائمين على المؤسسات التعليمية والتربوية البحث عن مكامِن الخلل، والبدء بعملية التصحيح الجِدِّية الشاملة، ولن يكون ذلك حتمًا باتّباع أساليبَ ترقيعيةٍ تحفظ ماء الوجه في معالجة المشكلة، بل بتوجّهٍ سريعٍ إلى خلق وعيٍ مجتمعيٍّ بأهمية العلم، وهذا الأمر الذي نقصده ليس بالهيّن واليسير، بل يحتاج جهودًا جبّارةً متظافرة، وأوقاتًا مضاعفةً، وتضحيةً لا بدَّ منها في سبيل تحقيق هذه الحالة من الوعي المجتمعي بأهمية العلم في بناء الجيل، وبناء منظومة التطور الحضاري الذي ننشده على المستويات كافة. إنَّ أساس هذا الوعي وجوهره يبدأ من الأسرة، وأساسُها بلا شك اختيار الأم، نعم الأم .. فمَن تختارُها لتكون أمًّا لأبنائك ينبغي أن تراعي في مواصفاتها مَن تحملُ معكَ همّ التربية الصحيحة، وهذا بالتأكيد يتطلّب أن تكون مُعَدّةً على أعلى مستوىً من الوعي، والخُلُق، والدِّين، فلم تكن كلماته - صلى الله عليه وسلم - من فراغٍ حين قال: (فاظْفَرْ بذاتِ الدِّين تَرِبَت يَداكَ) .. ولم يكن قول الشاعر حين قال: الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعددتَ شعبًا طيّبَ الأعراقِ إلا إدراكًا لعِظَم دور الأم في إرساء قواعد وأسس التربية، لذلك الجيل الذي نسعى أن يكون سلاحه العلم، وهدفه بناء حضارة. يلي ذلك بالتأكيد غرس القيم النبيلة والأصيلة في النشء القادم (الممارسة الفعلية للتربية)، وأول هذه القيم حبُّ العلم، واحترام المعلّم.. وهذا دورٌ يتقاسمه الأبوان، ويؤدّي كلّ منهما دورَه بعناية، ووفق أساليبَ تربويةٍ وتعليميةٍ شيقةٍ وهادفة، حينها سنصنع النشءَ المتلهّف للتلقّي والتعلُّم، والمتعطّش للعلم والمعرفة، ففلذات أكبادنا بعدها إنّما هم صفحاتٌ بيضاء، وبيد المُربّي الحاذِق أن ينقُشَ فيها ما يُريد. والله من وراء القصد.


التربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


مقال متميز ويستحق الاطلاع عليه والاستفادة منه في المؤسسات التعليمية