إن البحث في القصيدة المادحة في عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم) من خلال منجز الشعراء، مكننا من تأكيد مقولات الباحثين حول النفَس الجاهلي في قصائد كعب وحسان، كما سمح لنا بتحديد بعض معيقات الشعرية لدى ابن رواحة ومن نظم على نهجه. إلاّ أن أهم ما خوله لنا الاحتكاك بالنصوص هو الكشف عن تعدد أوجه التجربة الحسانية؛ ويبقى التيار الأخير الذي سمح بتلاقح القيم الفنية البدوية والمضامين الإسلامية أهم ما ينبه إليه المقال. ورغم قلة ما صدر عن حسان في هذا الاتجاه، فإن الدالية التي مثلنا بها تصلح اُنموذجاً أعلى لقصيدة المديح النبوي كما شهدت انتشارها فيما بعد، وأبدع فيها شعراء القرون الموالية.
وإلى جانب كل ذلك فإن التمييز بين هذه التيارات جميعها، ووضعها في سياقاتها التاريخية والفنية أهم ما يخوله المقال. حتى تكون الأحكام الجمالية صادرة عن وعي فني، ينطلق من ممارسات نصية واضحة المعالم مراعية لمختلف الأنساق الموازية والفاعلة.
عبد الفتاح شهيد | Dr Chahid abdelfattah | 10447